ناصر أبوطاحون يكتب : إسألوا أهل الذكر فى قطاع الزراعة

ناصر أبوطاحون

يعيش قطاع الزراعة بمصر فى واحدة من دورات الانهيار الكبرى ، حيث لا رؤية شاملة ولا استراتيجية حاكمة ، وحيث تعم الفوضى ويسود الارتجال والارتباك فى كل جنباته
وطبعاً اللى بيحصل دا نتاج حاجة  كدا اسمها والعياذ بالله " تحرير قطاع الزراعة" بدأتها السلطة فى عهد الوزير الأسبق يوسف والى
وانتهى تحرير الزراعة إلى تدميرها و تخريبها وتأصيل الفوضى فى كل المجالات سواء بإنتهاء فعلى لأهم الزراعات التاريخية التى تميزت بها مصر كالقطن وصولاً إلى تفضيل الفلاحين لزراعة اللب عن اى شىء أخر
وقد ضمتنى جلسة مع بعض المزراعين والمهتمين بالزراعة بالأمس وناقشنا بؤس أحوال الفلاحين والزراعة فى ظل غياب شبه تام للدولة -ممثلة فى وزارة الزراعة - عن المشهد
وقد توصلنا إلى حقيقة مأساوية أن القطن المصرى صاحب الصيت العالمى أصبحت زراعته غير مجدية اقتصادياً فى ظل تخلى الدولة عن الفلاح، والأنكى أننا اكتشفنا أن الفلاح لم يعد لديه اى ميزة نسبية فى زراعة أى صنف من المحاصيل التقليدية تجعله يفضلها عن بقية الزراعات..
فمثلا زراعة البصل فى مصر تعتمد - بالنسبة للفلاح - على أوضاع التصدير وقابلية الأسواق الخارجية للبصل المصرى ، وهى عملية تشبه المقامرة  السنوية التى يقوم بها الفلاح ، ومرة تصيب ى مواجهة مرات كثيرة خائبة
اما زراعة القصب مثلا فى الصعيد فتتعرض لألاعيب حكومية فاسدة لصالح تجار السكر المستورد مما يجعل الزراعة عبئاً لا يطاق على المنتج
بإختصار شديد
الزراعة المصرية تحتاج تخطيط شامل ورؤية دقيقة تشتمل على أدق التفصيلات ، حتى نصل لتركيب محصولى مناسب لأرضنا واستهلاكنا وكمية المياه المتاحة لنا وطبيعة أرضنا..
هروب الدولة من مسئولياتها عن هذا القطاع كارثة
والكارثة الأكبر فى تصور القيادة أن اضافة مئات الألاف من الأفدنة يمثل حلاً للكارثة بينما   قد يصبح هذا الأمر عبئاً كبيراً
فإذا كانت لدينا مشكلات فى إدراة ما بين أيدينا من ارض خصبة فى الوادى والدلتا، فكيف نسعى لزيادة الرقعة؟
لست ضد زيادة الرقعة الزراعية بالطبع ، ولكن الأولوية يجب أن تكون فى البحث عن كيفية إدارة ما بين ايدينا من اراضى ومياه إدارة رشيدة وفعالة وحقيقية
و لأن ربنا سبحانه وتعالى أمرنا بسؤال أهل الذكر عندما يتعذر علينا الفهم والعلم ، فإننى أدعو رئيس الجمهوري لتبنى الدعوة لعقد مؤتمر قومى للزراعة برئاسته شخصياً ، على أن يكون الحاضرين فيه استاذة الاقتصاد الزراعى وخبراء الزراعة فى مصر سواء حاليين او سابقين وقيادات فلاحية حقيقية للنظر فى وضع استراتيجية جديدة لقطاع الزراعة لمدة 50 عاماً  تكون ملزمة لكل وزير زراعة فى حالة أى تغيير
أما لو تركنا الأمر لكل وزير يأتى فلن نجنى سوى الرياح
فزمن الوزاراء الأغبياء الذين كانوا يعملون ويدخلون فى معارك انتهى تقريباً ، وأصبحنا  فى زمن جديد حيث الوزراء أذكياء جداً وفاهمين أنهم لو فكروا يشتغلوا هيغلطوا ويمشوا ، فقرروا من غير اتفاق ان يعملوا لدى منصبهم .. يحمونه ويحرسونه ليل نهار ، وأخر ما يفكرون فيه مهامهم الطبيعية
هذا بلاغ للناس ولمن يهمه الأمر