
المهندس مدحت يوسف يكتب : جهاز تنظيم أنشطة سوق الغاز

(2) جهاز تنظيم أنشطة سوق الغاز.. هل يتفق توقيت إنشاءه ومصالح القطاع الخاص؟؟
عقب احداث يناير ٢٠١١ والتي انعكست اثارها بالسلب علي قطاع البترول المصري بعد انتشار الفوضي في كل الأنحاء وفي ظل عدم استقرار أمني وسياسي ،، فلقد توقفت عمليات تنمية حقول الغاز المكتشفة في المياه العميقة أمل مصر في تلبية احتياجاتها من الطاقة علاوة علي توقف الاستثمار في مجال البحث والاستكشاف للبترول والغاز بوجه عام..
استتبع ذلك انخفاض انتاج مصر من الغاز الطبيعي وعدم كفايته لاحتياجات القطاعات المستهلكة ، تعرض العديد من المصانع الإنتاجية للتوقف او تخفيض إنتاجيتها ،، فما كان من قطاع البترول ان اتخذ قرار سريع موفق بالسماح للقطاع الخاص باستيراد الغاز الطبيعي ،، لم يتخذ القطاع الخاص اي اجراء من شأنه الاستيراد بمعرفتهم لعدم جدواه اقتصاديا ، فالامر كان يتطلب انشاء محطات لاستقبال الغاز الطبيعي المسال المستورد من الخارج ولم يكن القطاع قد أنشئ أيا من محطات استقبال وقتها علاوة علي ارتفاع ًاسعار الغاز الطبيعي وصولا لمستوي ١٥-١٨ دولار للمليون وحدة حرارية وقت ان كان سعر البيع المعلن من قطاع البترول لأعلي شريحة لا يزيد عن ٤ دولار للمليون وحدة حرارية.
جاء يوليو ٢٠١٤ باعادة تسعير الغاز الطبيعي بشرائح مختلفة تبعا لنوع وكثافة استهلاك الصناعة ليتراوح ما بين ٥-٨ دولار للمليون وحدة حرارية ،، تأثرت صناعة الاسمنت وقتها بارتفاع الاسعار وقررت التوجه لاستخدام الفحم كبديل للغاز الطبيعي ومنها اتجه القطاع الخاص الي التفكير في استيراد الغاز الطبيعي المملوك لحصة الشريك الامريكي في الحقول الإسرائيلية باتفاق متعدد الجوانب يشتمل علي بيع كميات للقطاع الخاص المصري باسعار تقل عن الشرائح العليا لاسعار الغاز بمصر شريطة تسييل كميات من الغاز الطبيعي بمحطات الإسالة بدمياط وأدكو وتصديرها للخارج مسالة لحساب الشركة الامريكية ..
توافق اتفاق القطاع الخاص المصري والشركة الامريكية بعد انهيار ًاسعار النفط والغاز عالميا بدءا من نهاية عام ٢٠١٥ ووصول سعر الغاز المسال الي ٤،٢ دولار للمليون وحدة حرارية عند مستوي سعر لخام برنت القياسي ٣٠ دولار دون احتساب تكاليف النقل من اسرائيل لنقطة الربط مع الشبكة القومية للغاز الطبيعي المصري ، دخل الاتفاق مراحل التنفيذ بالفعل علي وجه السرعة الا ان غرفة التجارة الدولية بسويسرا أعلنت حكمها المبدئي بغرامة لصالح اسرائيل علي قطاع البترول المصري قدرت ١،٩٨٨ مليار دولار والذي علي أثره قام قطاع البترول المصري بعدم السماح للقطاع الخاص بالتعاقد مع الجانب الاسرائيلي الا بعد التنازل عن كافة قضايا التحكيم ضد قطاع البترول. وبالتالي توقف القطاع الخاص عن فكرة استيراد الغاز الطبيعي وتداوله داخل مصر او استيراده وأسالته بمحطات الإسالة المصرية واعادة تصديرة لأوربا لحسابهم .
مؤخرا عاودت ًاسعار النفط ارتفاع اسعارها بالوصول لحدود ٥٦ دولار للبرميل من خام برنت القياسي وبالتالي ارتفاع ًاسعار الغاز الطبيعي المسال لمستوي ٨ دولار للمليون وحدة حرارية دون حساب تكلفة إعادته للحالة الغازية البالغة ١،٣ دولار للمليون وحدة ومازال مسلسل الزيادة مستمر ومتوقع وصول الاسعار لحدود ١١-١٢ دولار للمليون وحدة حرارية اذا نجحت جهود دول منظمة اوبك والدول الكبري الساندة للقرار كروسيا في الحفاظ علي استمرار خفض سقف الانتاج للحدود المتفق عليها حسب اخر اجتماع للاوبك . ومن ناحية قطاع البترول فان ًاسعار شرائح الغاز الحالية هي ًاسعار مدعمة من الدولة ولا يمكن للقطاع تخفيض ًاسعار شرائح الغاز في الوقت الحالي كطلب العديد من الصناعات المختلفة .
الأحداث الجارية جاءت بما لا يتفق ورغبة القطاع الخاص في انشاء جهاز لتنظيم سوق أنشطة الغاز الطبيعي بمصر ،،وبما يحقق صالح القطاع الخاص في الحصول علي سعر مناسب لاستيراد الغاز الطبيعي والذي لا بديل لديهم الا الغاز الاسرائيلي وشريطة السماح باسالتة لدي شركات الإسالة المملوكة بنسبة كبيرة للشركات الاجنبية العاملة بمجال البحث والاستكشاف بمصر والتي لن ترضي بتوقيع عقود طويلة الأجل نظرا للتقديرات المحدثة بعد الاكتشافات الجديدة بمياه البحر المتوسط والمتوقع لها بالمزيد من الاكتشافات وبالتالي فان الاولوية ستكون للشركات الاجنبية بتصدير حصتها من الانتاج بمحطات الإسالة المملوكة لها لتحقيق الكثير من المزايا التسويقية والسعرية ..
فهل جاء توقيت انشاء جهاز تنظيم أنشطة سوق الغاز مناسب لتحقيق مصالح القطاع الخاص ...؟!