
أسامة داود يكتب عن : البترول واهدار موارد الدولة

لدينا حوالى 40 شركة لإنتاج البترول والغاز الطبيعى تعمل وفقا لقواعد ولوائح واتفاقيات. فيما يخص اقتسام الإنتاج واسترداد النفقات ولكن هناك أمرين يمثلان خللا فى الاتفاقيات المبرمة، وهو ما يتطلب مراجعة لهما والعمل على تحقيق مصلحة مشتركة لقطاع البترول من جانب والشريك الأجنبى من جانب آخر.
الأمر الأول يتعلق بالمبانى التى تستأجرها الشركات والتى تتعدد بحسب تعدد الإدارات بها وتصل تكلفة تأجير المبنى والذى يصل إلى مسطح يبدأ من 4 آلاف متر مربع وتصل إلى 14 ألف متر لبعض الشركات مثل شركة رشيد ويتراوح الإيجار ما بين 8 إلى 22 دولارا شهريا للمتر مربع مع زيادة سنوية لا تقل عن 15% وبالتالى يصل ما تضخه كل شركة فى الإيجارات شهريا 32 ألف دولار وسنويا ما يقرب من 384 ألف دولار لو احتسبنا القيمة الإيجارية للمبانى عند الحد الأدنى للمساحات والحد الأدنى للقيمة الإيجارية يعنى ما يصل إلى 7 ملايين جنيه مصرى.. وعلينا أن نتخيل التكاليف لو تم احتساب ذلك على 35 شركة بترول لو استبعدنا عدد 5 شركات فقط هى التى تملك مبانى خاصة بها.
فى حالة لو تم شراء مبان تتحول إلى أصول ثابتة للشركات على أن تضمن الهيئة رد قيمة المبانى إلى الشريك الأجنبى على دفعات من الإنتاج وبالسعر المدفوع.. هنا علينا أن نتخيل قيمة ما تحققه وزارة البترول من قيمة لمبان سوف تتضاعف مع نهاية مدة الامتياز ومع ارتفاع أسعار العقارات. وهذا الأمر لا يتطلب سوى التفاوض مع الشريك على أن يدفع ثمن المبانى الإدارية التى تستخدمها الشركات وعلى أن يسترد قيمتها مع مصاريف الإنتاج. وإن كان البعض يقول الشركات معنية بالإنفاق على استخراج البترول وليس لإقامة مبان وصروح عقارية.. والرد أن المبانى جزءا لا يتجزأ من الاستثمارات باعتبارها مقرا لا غنى عنه وينفق على الإيجارات مبالغ تفوق ما يمكن أن ينفقه على شراء وتملك العقار بكثير وخلال أقل من 5 سنوات.
هذا من جانب بينما الجانب الآخر وهو أن الاتفاقيات الحالية تنص على أن يكون استرداد النفقات على سنوات تصل إلى 5 سنوات وهنا عندما تصل الاتفاقية فى الخمس سنوات الأخيرة من عمرها يتوقف الشريك عن ضخ أى مبالغ للتنمية لأن ما ينفق لن يستطيع استرداده باعتبار أن هذه التكاليف تسترد على سنوات 5 وبالتالى آخر إنفاق يمكن أن يضخه هو قبل السنوات الخمس الأخيرة.
وهنا يجب أن تصحح الاتفاقية فتنص على أنه من حق الشريك أن يسترد كل ما أنفقه خلال المدة المتبقية من الاتفاقية وبالتالى يظل ينفق حتى آخر يوم فيها وهو ما يضمن تنمية وتطوير يحقق زيادة فى الإنتاجية مما يقلص اعتماد الدولة على الخارج فى استيراد الزيت أو الغاز الطبيعى والذى يتم بأسعار تفوق أضعاف المنتج محليا.
وأذكر واقعة عندما قاربت اتفاقية بى بى على الانتهاء فى حقول جابكو فى نهاية النصف الثانى من العقد الأول من القرن الحالى. توقفت بى بى عن التنمية والتطوير بسبب توقفها عن الإنفاق لأنها تعلم أنها لن تسترده طبقا للاتفاقية وكان من نتائج ذلك تدهور الحقول وخطوط النقل التى كانت الثقوب المنتشرة بها أداة لتسريب الزيت الخام مما يمثل هدرا للاقتصاد القومى. وهو ما أدى إلى تراجع إنتاج جابكو التى كانت الأولى فى إنتاج البترول على مستوى مصر فتراجعت لمستوى رابع، وغيرها شركات كثيرة.