
أسامة داود يكتب : جحا في وزارة البترول

علي طريقة جحا والحمار والوالي يسير قطاع البترول بصناعة وهم التدفقات الغازية التي تملأ بيوت المصرين زبداً وعسلاً ويحيلنا الي دولة تصارع بالغاز الطبيعي بترول دول الخليج !.
نريد أن نؤكد أننا نتحدث بالارقام لا بالتصريحات وبالحقائق لا بالاوهام ، وعادة ما يرانا البعض متجنين لاننا لا نريد ان نسير وفقا لثقافة القطيع في الانبهار بمعسول الكلام .
وبالعودة الي الماضي في عام 2001 كانت اكتشافاتنا البترولية تقول ان لدينا احتياطيات مؤكدة تصل الي 76 تريليون قدم مكعب من الغاز . ولكن رغم مرور 16 سنة علي هذا التاريخ نجد أن اجمالي ما تم انتاجه من غاز طبيعي لا يتجاوز 30 تريليون قدم مكعب من الغاز بينما الحقول تتراجع انتاجيتها بالطريقة التي تكشف ان كل احتياطي مصر المؤكد لم يكن يتجاوز 40 تريليون قدم مكعب وقتها .
ويمكن اللجوء الي تقييم حقول رشيد او البرلس والتي تراجع انتاجها سريعا ومنها حقل سكاراب- سافرون والذي قدرت احتياطياته في عام 1999 ب 4 تريليون قدم مكعب ثم اعيد تقييمة في عام 2003 /2004 ليصبح 3,2 تريليون قدم وحتي الان لم يتم انتاج اكثر من 2 تريليون قدم مكعب بينما الاحتياطي الحقيقي له بعد التراجع الحاد في انتاجيته من 530 مليون قدم٣ /اليوم الي 400 مليون قدم مكعب لا يزيد عن نصف تريليون قدم مكعب فقط .
والسؤل الذي يلح علي عقول الخبراء لماذا لم يتم تشكيل لجنة من مهندسي وخبراء الخزانات بوزارة البترول للعمل في تقدير الاحتياطيات ومن واقع المعلومات الجيولوجية ونتائج البحث والحفر والانتاج المتوافر لدي الوزارة وهيئاتها علي ان يراجع التقييم كل عامين لاعلان الحقائق ، بدلا من ترويج الاوهام .
وقبل ان نفاجأ بتكرار مآساة مصر التي اخدت وقتها تبرم اتفاقيات لتصدير الغاز مع الاْردن ولبنان وسوريا واسرائيل وبعد تنفيذها وجدنا انفسنا أمام مآساة من الفقر في الطاقة .
نحن نطالب بالأرقام الحقيقية والتي تصدر عن دراسات وليست فرقعة اعلامية وتصريحات جوفاء تنطلق من أبواق مسئولين يلعبون دور جحا في قصته مع الوالي والحمار !.
وعلي أساس ان الزمن سوف يحل الازمة بوفاة أحد الثلاثة !.
المعلومات والارقام التي أشرنا اليها في المقال السابق حول الحقول الجديدة والالتزمات المترتبه علي الدولة مع دخول تلك الحقول علي الانتاج ، تنقلنا الي ضرورة وضع تصور للخروج من عنق الزجاجة .
وكالعادة سوف نطرح بعض الاسئلة التي يجب أن تدور في رأس المواطن ونقدم من الواقع الاجابات عليها وإن كان لدي وزارة البترول ما يخالف تلك الارقام الخاصة بالاكتشافات الجديدة ، فأهلا بها ومرحباً.
يقول تصريح لوزير البترول المهندس طارق الملا ، ان المشروعات الغازية التسعة وهي شمال الاسكندرية وأتول وشمال دمياط وظهر وغيرها والتي يعود تاريخ العديد من بعض تلك الاكتشافات الي ما قبل ثورة 2011 ان ما يتم انتاجه كحد أقصي يبلغ ٥،٩ مليار قدم مكعب غاز يوميا منها 40% سوف توجه الي الخارج للبيع لسداد قيمة الاستثمارات التي انفقت مقابل الحفر والاستكشاف والإنتاج وتسهيلاته والتي ضخها الشريك الاجنبي .
وقلنا ان هذه الطاقة الانتاجية لابد وان تتراجع كل عام عن الاخر وهو التراجع الطبيعي وبالتالي هناك اسئلة نطرحها
<< هل سيظل الانتاج ثابت خلال عمر الحقو ل وهي مدتها 20 سنة ؟
<< ما هي حجم احتياجاتنا الفعلية للاستهلاك المحلي سواء للكهرباء والصناعة وغيرها من الغاز ؟
طبقا لارقام وزارة البترول ان مصر حصتها من الغاز الطبيعي 60% من المتبقي بعد استبعاد نسبة 40% التي تخصص للبيع خارج مصر قيمة استرداد النفقات للشريك الاحنبي لتصبح حصة مصر الفعلية من اجمالي انتاج الحقل ولمدة 7 سنوات 36% فقط من اجمالي الانتاج .
<<هذه النسبة هل تكفي إحتياجاتنا أم نشتري حصة الشريك الاجنبي وهي 40% من المتبقي وتمثل 24% من اجمالي انتاج الحقل ؟
<< أيضا هل نكون في احتياج شراء نسبة ال 40% المخصصة للبيع للخارج سداداً للاستثمارات التي تم انفاقها ؟
<< وهل يمكن لمصر بيع ما يفيض عن حاجتها لتحقيق فائض ما بين سعر الشراء حسب التعاقد وهو 5,88 والسعر العالمي اذا ما ارتفع عن ذلك لتحقيق قيمة مضافة للقطاع ؟
والاجابات من الارقام التي يؤكدها الخبراء
وحسب ما يشير اليه الخبراء أن العمل بفكر ادارة الازمات قبل حدوثها هو الحل خاصة وأن امامنا 7 سنوات عجاف . وفي ظل اننا في مصر وأن التاريخ يعيد نفسه ، يجب علي المسؤلين في قطاع الطاقة ان يتخلوا عن الجعجعة والتصريحات الرنانة وان يلجأوا الي تاريخ مصر القديم ويقتبسوا من الماضي السحيق مشورة يوسف عليه السلام علي ملك مصر وهي روشته لعلاج السنوات العجاف التي نحن علي مقربة منها .
وان كان الخبراء قد بُح صوتهم باقتراحات لو تمت لكان لمصر شأن أخر ولكن علينا ان ندركها وهي :
- دمج وزارتي الكهرباء مع وزارة البترول حتي يكون هناك قيادة واحدة لقطاع الطاقة ككل عليها المسئولية وتتولي علاج الازمة في ظل الامكانيات المتاحة .
- ان يتم الانتقال بقوة تجاه الطاقة الجديدة والمتجددة وانشاء محطات طاقة شمسية .
- سرعة احياء مشروع الراحل العظيم المهندس ماهر اباظة بإنشاء مشروعات طاقة متجددة - شمسي ومياه - مشتركة مع الدول الافريقية وربطها بأوربا وجميع الدول العربية .
- وقف المذبحة التي تمارسها وزارة الكهرباء ضد الشركات العامة مثل ايليجكت وهايديلكو وكهروميكا والنظم وايجماك لصالح المستثمرين المصرين والاجانب والذين يمتصون خيرات مصر من خلال مشروعات الامر المباشر والمزايا النسبية التي تمنح لهم بدلا من الشركات العامة . وضم تلك الشركات الي وزارة الكهرباء بدلا من تركها في حوزة قطاع الاعمال العام .
- ربط التراخيص لكل المباني الجديدة بانشاء محطات طاقة شمسية علي اسطح المنازل وهو ما يحول المواطن من مستهلك الي منتج للكهرباء .
- توحيد أسعار شراء الكهرباء المولدة من الطاقة الشمسية بواسطة مشروعات المواطنين بنفس اسعار المشروعات الكبري من المستثمرين .
- التوسع في البرنامج النووي السلمي لتوليد الكهرباء .
الترشيد في استهلاك الطاقة بشكل عام .
وأن يتم التركيز علي تنشيط الاستكشاف من البترول والغاز الطبيعي .
- بيع الغاز الطبيعي لكل الصناعات بسعر التكلفة بما فيها شركات البتروكيماويات طالما يتم بيع منتجات تلك الصناعات في السوق المحلي بالسعر الحر.