 (1).jpg)
أسامة داود يكتب : استراتيجية الخداع بوزارة البترول

حالة واسعة من التفاؤل ، تتطلع لها عيون المواطن تجاه الاكتشافات الجديدة للغاز الطبيعي ، من مشروعات حقل غاز ظُهر وشمال الاسكندرية وأتول وغرب الدلتا وشمال دمياط وغيرها وكلها بالمياه العميقة . والسبب .. تصريحات تتجاهل الحقائق ، والاستعانة بصحف متخصصة لصناعة بطولات ذائفة وعلي طريقة ( الجعجعة أهم من الطحن ) .
والحقيقة هي أن تلك الاكتشافات - والتي يعود معظمها لسنوات ماضية بعضها قبل ثورة 2011 - مع بدء الانتاج سوف تضع علي مصر التزامات مالية يتم سدادها تقدر بحوالي 45 مليار دولار موزعة علي 7 سنوات لتصل الي 6،6 مليار دولار سنويا وهي قيمة النفقات الاستثمارية والتي قام بتدبيرها الشركاء الاجانب والتي تم الحصول عليها كقروض من البنوك وجهات التمويل الدولية .
والسداد يتم من خلال تخصيص نسبة 40% من انتاج الحقول او اقل من ذلك للحقول ذات الإنتاجية الكبيرة بحيث تغطي الاقساط وفوائدها واجراءات التحوط ، كما يضاف الي تلك الالتزامات قيمة حصص الشركاء الاجانب والتي تسعر طبقا للتسعيرة التي تم الوصول اليها مؤخرا علي اساس ٥،٨٨ دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية والتي تقدر في حالة حقل ظهر بما يوازي 1،5 مليار دولار سنويا ومستحقة طوال عمر الحقول والمقدر لها 20 سنة ، وبالتالي يصبح ما يجب ان نسدده سنويا حوالي 8 مليار دولار تبدأ من التشغيل الكامل في عام 2020 تتراجع الي حصة الشريك الأجنبي علاوة علي مصاريف التشغيل السنوية الاعتيادية بعد السنوات السبع .
لكن ما هي التفاصيل في عمليات الانتاج ؟
وما هي حقوق مصر ومستحقات الشريك وما لنا وما علينا ؟
الاكتشافات الجديدة باعتبارها في المياة العميقة تخضع لمعادلات سعرية تقدر بحوالي ٥،٨٨ دولار لكل مليون وحده حرارية . وباعتبار ان عمليات تقسيم الانتاج بيننا وبين الشريك تتم وفقا لالية مختلفة عما كان يحدث في الحقول بالمياه الضحلة او بالصحراء ، كما أن الازمة الاقتصادية التي مرت بها مصر خلال السنوات الماضية جعلت تصنيف مصر الائتماني عالي المخاطر ادي الي وجود اعباء تأمينية تم اضافتها علي مصر ولها تكاليف عالية .
يضاف الي ذلك أن تقسيم الانتاج يتم باقتطاع 40% من الانتاج توجه لسداد القروض والتمويلات الذاتية اذا ما توافرت من قبل الشركاء الاجانب وذلك نظرا لارتفاع قيمة التكاليف في المياة العميقة بشكل كبير والتي تضمنها مصر كدولة ، ويبقي 60% يتم اقتسامها بين مصر والشريك الاجنبي بنسبة 60% منها لمصر وتحصل عليها دون مقابل و40% لصالح الشريك وتشتريها مصر بسعر ٥،٨٨ دولار للمليون وحدة حرارية .
ولكن هل تسمح مصر ببيع نسبة ال 40% المشار اليها للخارج سدادا للالتزامات المالية مقابل النفقات الاستثمارية الكبيرة والممولة عن طريق القروض الدولية؟ .
الاجابة هنا لا .. لان مصر تحتاج هذه الكميات بسبب الاستهلاك المتزايد من الغاز الطبيعي وفي ظل فشل وزارة الكهرباء في اتخاذ خطوات جادة للاستثمار في الطاقة المتجددة وبالتالي محطات الكهرباء الحرارية والتي تبتلع 60% من استهلاك مصر من الغاز سوف تزيد احتياجاتها مع دخول اكثر من 15 الف ميجاوات جديده لتوليد الكهرباء .
وبالتالي يكون علي مصر سداد قيمة حصة الشريك الاجنبي والتي تمثل في حدود 24%بالاضافة الي 40% ليكون 64% وتحصل مصر بالمجان 36% وهي حصتها الاساسية .خلال فترة سداد النفقات الاستثمارية .
ولكن مشروع شمال الاسكندرية والذي كان قد تم التوصل لاتفاق بدأ في عام 2009 وكان ينص علي ان تشتري مصر كل الغاز المنتج بسعر في حدود 4 دولار للمليون وحده حرارية ولا يكون لها حصة مجانية في مقابل ان تتحمل الشركة الاجنبية وهي بي بي الاستثمارات ومصاريف التشغيل ،
وكانت هذه الاتفاقية مثار جدل ولكن للأسف تم تعديل هذه الاسعار وتحولت الي ٥،٨٨ دولار للمليون وحده حرارية بسبب التصنيف الائتماني السيئ لمصر وقتها ،
وبالتالي علينا ان نعرف ان انتاجية المشروعات الجديدة تصل الي ٤ مليار قدم مكعب غاز يوميا ، وهذا يمثل تأمين جيد لاحتياجات الدولة من الغاز الطبيعي لزوم تشغيل مصانعها ومحطات الكهرباء بشكل امن .
وبالتالي علينا ان نراجع عملية التفاؤل وأحلام اليقظة ، بأن مصر سوف تتحول الي دول الخليج من خلال انتاجها من الحقول الجديدة من الغاز الطبيعي .
وقبل أن نستيقظ علي صدمة بسبب الخداع الذي نعيشه ، والحقائق التي تتبدد ، وسط ضجيج الجعجعة التي تتناثر مع تصريحات مسئولين بالحكومة و لكنها تتناقض مع الواقع .