.jpg)
أسامة داود يكتب : قرارات وزير البترول تهدد بتكرار حريق "سيدبك "

لن يكون حريق سيدبك أخر الكوارث في وزارة البترول ، طالما يدار القطاع بقرارات فردية ، وطالما يمسك الوزير بكل السلطات في يده تاركا المسئوليات علي غيره .
ويأتي القرار الاخير للوزير بالتغيرات الجديدة في قطاعات الامن الصناعي والصحة والسلامة المهنية لتصب في نفس الاتجاه الذي يهدد بالمزيد من الكوارث .
هذه الحقيقة معروفة للجميع بالقطاع ودورنا ان نلقي الضوء فقط عليها .
فقد قررالوزير بنفسه اختيار مديري العموم في مجالات الامن الصناعي والصحة والسلامة المهنية ، ليس لـ "سيدبك" فقط ولكن تخطاها الي شركات أخري وكأنه يصر علي أن يجعل من الكوارث مسلسلا يوميا في القطاع الذي بدأت مؤشرات انهياره مع كل قرار يصدره .
وان كنت أنا شخصيا التمس للمهندس طارق الملا الف عذر ، لسبب هام لانه لا يملك خبرات او مؤهلات تمكنه من قيادة قطاع مثل البترول الذي يُعد العجلة الرئيسية في ادارة الاقتصاد القومي للدولة حالياً ، فأصبح وزيرا للسلطة تاركا لغيره المسئوليات .
وقلت فى السابق ردا على سؤال حول حقيقة علاج ازمة حريق "سيدبك" ليس من المنطق ان يستمر وزير البترول طارق الملا في تعنته واصراراه علي تكرار الاخطاء يوما بعد يوم".
وانقل لكم تصريحات الوزير ، التي تمثل دليل ادانه لا وسيلة تصحيح ، أو علاج لخلل سيدبك حيث بدأها بعبارة انشائية لاتتفق وتصرفاته قائلا (في اطار العمل علي ضخ دماء جديدة ، والاستمرار في الالتزام بتطبيق أقصى درجات التشغيل الآمن ، وتطوير منظومة السلامة والصحة المهنية وحماية البيئة في الشركات البترولية يتم الاتي – وهي التعيينات التي يريد ان يصحح بها الخلل وتدل علي انه يكرر نفس الاخطاء
- تكليف م. محمد على عبادى رئيس شركة الاستيرنكس رئيساً لشركة سيدبك - وبالطبع دون اخذ رأي رئيس الشركة القابضة المهندس محمد سعفان .
بالاضافة الي تضمين قرار الوزير لتغيرات شملت 6 من قيادات الامن الصناعي والصحة والسلامة المهنية بدرجة مديري عموم ، ما بين شركات سيدبك وايلاب وانربك ، وكأن الحل من وجهة نظر الوزير هو استمرار انتزاع سلطة رؤساء الشركات في اختيار معاونيهم واجراء عمليات تدوير للمديرين ما بين الشركات وبعضها !.
وهنا نكتشف ان الوزير قرر ان يكلف المهندس محمد العبادي رئيسا لشركة سيدبك ولم يترك له حق اختيار معاونيه ، لكنه بالتأكيد وضع كامل المسئولية في عنقه ، وهو بذلك يصر علي اخراج ما هو افظع من اللسان ، ليس للعاملين في قطاع البترول وفقط ولكن لمصر كلها ، ولسان حال الوزير يقول " انا صاحب السلطات ، انا الرئيس المتوج لقطاع البترول ، انا من بيده الامر فيه والنهي ، حتي ولو كان الثمن هو الانهيار ، وعليكم جميعا - أي روساء الشركات - تقع المسئوليات ".
"لا تهاون في التعامل مع الأمور الخاصة بتأمين المنشآت وسلامة وأمن العاملين" ، هذه الكلمات جاءت أيضا في تصريحات الوزير ونشرتها الصحف وكأنه يري أن من الواجب علي العاملين بالقطاع ان يسجدوا لله شكرا علي منحهم وزيرا يمنحهم الامان بالكلمات بينما يشعل فيهم النار بالقرارات .
كيف لاي من العاملين بالقطاع أو لنا أن نصدق هذا الكلام ؟، بينما كل القرارات تصب في اتجاه واحد ، وهو تهيئة الارض لمزيد من تكرار حادث "سيدبك " في العديد من الشركات .
إن الامور لن تستقيم طالما أصر المسئول علي ارتداء نظارة الانانية لأنه لا يري من خلالها سوي نفسه !.
فهل قرر الوزير ان يستمر في أن يعيش دور المالك الآمر الناهي في قطاع البترول صاحب سلطة دون مسئولية .
لقد تجاوز الرجل بقراراته كل الحدود ، بإعطاء نفسه حق اختيار القيادات كبيرهم وصغيرهم جامعا في يده كل السلطات بينما يتنصل من كل المسئوليات .
قلت ان هذا التصرف يعني ان قطاع البترول يتراجع للخلف بسرعة الصاروخ ، بينما أي تقدم فيه يكون بسرعة السلحفاه وأصبح القطاع يعيش فقط علي عدة مشاريع مثل ظهر وشمال الاسكندرية ودمياط وجميعها كانت ثمار من سبقوا الوزير في مواقع المسئولية .
وان كانت ازمة سيدبك هي ازمة قيادات فقد جاء قرار الوزير ليعيد نفس السيناريو مرة اخري وكأنه لم يتعلم من اخطائه .
يقول الخبراء ان اصرار الوزير علي عدم السماح لاي من القيادات باختيار معاونيه ومنح هذه المهام لنفسه يتنافي مع خبراته التي كانت بعيده كل البعد عن العمل في المجالات البترولية من بحث واستكشاف وانتاج وتصنيع ، وبالتالي ليس لديه دراية بخطورة الامن الصناعي ، والصحة المهنية ولم اقل ذلك ادعاء علي الرجل ولكن خبراته كلها كانت في تسويق المنتجات البترولية أي بيعا وشراء .
فالرجل لم يدخل قطاع البترول الا قبل أيام من قيام ثورة 2011 ، والتحق بقطاع التجارة الخارجية بالهيئة بعد تركه العمل في شركة "شيفرون " الامريكية و كان يعمل بأحد أفرعها مسئولا عن التسويق .
لكن ما يجب ان نحذر منه وننبه له أن مشهد يوم القيامة الذي اصاب شركة سيدبك الاسبوع الماضي ، وادي الي اصابة 46 توفي منهم حتي الآن 3 من العاملين البسطاء البؤساء من عمالة مقاولي الباطن بينما يوجد 5 حالات اخري في حالة خطيرة من المحتمل ان يتكرر ، وبالتالي فان المسئولية الاولي عن حادث سيدبك وأي حوادث يشهدها القطاع تكون في عنق الوزير يليه رؤساء الشركات وقياداتها لقبولهم مواقع المسئولية متجردين من أي سلطة .
ان استحواذ الوزير علي كافة السلطات بداية من التعيينات ، مرورا بالترقيات ، وصولا لاختيار القيادات ، يمثل توطينا للفتن بشركات قطاع البترول ، خاصة وأن رؤساء الشركات والشركات القابضة وهيئة البترول قد تحولوا الي موظفين بدرجة الكراسي التي يشغلونها ، وتكون المخصصات والبدلات والارباح والمزايا هي البديل عن ممارسة سلطاتهم القيادية وهو الأمر الذى لم يقبله رئيس الهيئة السابق المهندس طارق الحديدي وكان اول رئيسا للهيئة العامة للبترول يقدم استقالته .
فهل يستمر الوضع علي ما هو عليه ، أم أن الوزير يمتلك الشجاعة فيعيد حساباته ويصحح قرارته ؟