
أسامة داود يكتب : ساعات الأمل فى أنشاص

في لقاء ميداني من داخل المفاعل النووي المصري الثاني بأنشاص التقيت بنخبة من علماء مصر في مجال البحث والتشغيل والاستخدامات السلمية للطاقة الذرية ،
كنا قد انطلقنا في الطريق الممتد من القاهرة الي منطقة انشاص بمحافظة الشرقية ، كانت رائحة الماضي والحنين اليه تتمددداخل شرايني ، عندما كان الحديث يدور عن عبدالناصر الذي دشن أول مفاعل نووي بحثي في تلك البقعة القريبة من القاهرة في النصف الثاني من القرن الماضي وتحديدا عام 1955 . عندما قررت مصر الدخول في المجال النووي ، كانت الهند تخطو اول خطواتها معنا في نفس المجال . بينما وصلت الي دولة عظمي بصناعتها النووية .
كان المفاعل الاول البحثي الروسي والذي كان هو المدرسة والمعمل الذي تخرج منه مئات العلماء والباحثين الذين التقط الغرب واسرائيل العديد منهم بالتصفية بعدما فشلوا في اغرائهم او صرفهم عن العمل داخل مصر .
كان الملف النووي المصري قد أغلق علي نفسه الباب وظل مجمدا بعيدا عن القيام بإنشاء محطات للطاقة النووية لتوليد الكهرباء وتحلية مياه البحر للاغراض السلمية التي لا حصر لها .
وفي التسعينيات خطا النظام المصري ومن خلال الرجل الوطني ماهر اباظة عليه رحمة الله - وزير الكهرباء وقتها- خطوات تجاه انشاء مفاعل نووي ثان للاغراض البحثةو السلمية لاستخدامات الطاقة الذرية .
فكان مفاعل انشاص الارجنيتي بقدرة 20 ميجا وات . في نفس الارض التي يحيطها سور بإحدي المناطق التي يتم تأمينها بصورة استثنائية .
علي الباب الرئيس استقبلتنا عناصر امنية سلمونا وفقا للكشف المسبق ارساله تصاريح المرور .
انطلقت بنا السيارة الي المكان الذي يضم اكثر من 5 الاف عنصر بشري يعملون فوق العادة بهم اكثر من ثلاث الاف من العلماء بأعمار متدرجة تبدأ من العشرينات وحتي ما قبل النهايات بقليل.
حتي العمالة الفنية والادارية يعملون في جو يحيطة الانضباط والتفاني في انجاز مهام كان لها الفضل بعد الله تعالي في ان توقف استيراد العديد من الاحتياجات اللازمة لتشخيص وعلاج الاورام والعديد من الامراض .
كان في استقبالنا العالم الدكتور عاطف عبد الحميد رئيس هيئة الطاقة الذرية الذي يعيش آمال وآلام البحث العلمي الذي يتحول الي نتائج مذهلة .
قال الرجل نحن نعمل وفقا لاستراتيجية الدولة وليس بشكل عشوائي ولدينا في مصر المجلس الاعلي للاستخدامات السلمية للطاقة الذرية و يرأسه رئيس الجمهورية بصفته . ومقرر اللجنة وزير الكهرباء وهي التي تضع السياسات والاستراتيجيات .
ونتخذ كهيئة من رؤية الدولة الاطار العام التي نضع من خلاله خطتنا وفي اطار خطة التنمية المستدامة للدولة 20/2030 .
تمثل الهيئة مجموعة من القطاعات المهمة وتمارس عملها في مجال البحث العلمي والابتكار والتطوير و مجالات الصحة و الغذاء مع تطبيقات الطاقة حيث توصلت الهيئة الي انتاج الخلايا الشمسية من مادة السيلكون وبأعلي كفاءة وقد تم ذلك من خلال مشروع بحثي تم تنفيذه مؤخراً ليحقق نتائج تتجاوز في انتاجه الجودة العالمية .
و تلعب الهيئة دوراً هاماً في مجال الصحة ومن خلال إنتاج النظائر المشعة في التشخيص والعلاج وأعمال التحليل بالتقنيات النووية وتشمل التقدير المناعي الاشعاعي للهرمونات والكشف المبكر عن الاورام السرطانية بالاضافة الي تعقيم المنتجات والمستلزمات والعبوات الطبية والادوات الجراحية وأجهزة محاليل الدم والقسطرات وخامات تصنيع الادوية وذلك باستخدام اشعة جاما ، التي تتميز بالقضاء نهائيا علي مسببات الاورام كالبكتريا والطفيليات الضارة كما تقدم الخدمات الاستشارية الخاصة بازالة التلوث .
بل وعشرات الاغراض الاخري .
وتحقق الهيئة من خلال مشروعاتها الانتاجية فائض للتصدير يتجاوز ضعف الاستخدامات المحلية .
المفاجأة أن مجموعة العلماء ومنهم شباب في العشرينيات من عمرهم لديهم القدرة علي ادارة أي منظومة نووية وادارة أي برنامج او مشورع نووي .
بعدما يتم اعتمادهم كمشغلين للمفاعل النووي البحثي والانتاجي بدرجة 100% .
وفي مقارنة بين العمل في مفاعل لانتاج الكهرباء أو تحلية مياه البحر وبين العمل في مفاعل بحثي يقول الدكتور عاطف عبد الحميد العمل البحثي أدق وأصعب وأعقد و أعلي في الدقة من العمل في تشغيل المحطات النووية الخاصة بانتاج الكهرباء ، والسبب أن العمل في البحوث يتعامل مع تطبيقات ومتغيرات مختلفة تتطلب مهارات خاصة جداً وهو ما يتوافر لدينا ، اما المفاعل المنتج للكهرباء يعمل في تطبيق واحد .
ومن يستطيع تشغيل مفاعل بحوث يستطيع تشغيل اي مفاعل لانتاج الكهرباء .
ومن تشغيل المفاعل وتصنيع النظائر و تعقيم المهمات والمستلزمات الطبية الي تعقيم المواد الغذائية قبل تصديرها الي انتاج الخلايا الشمسية من السيلكون وغيرها الكثير ننتقل الي مراحل رصد وادارة والتعامل مع النفايات النووية .
الالتزام بالامن و الامان من التدريبات والقدرات التأهيلية الاولي التي تكتسبها العمالة بمفاعل انشاص.
نلتقي بعناصر من العلماء في مجال التعامل وتدوير النفايات النووية بالمعاير العلمية والعالمية .
ويقول عبد الحميد ، لدينا خبراء تم تأهيلهم في مصر والخارج ، وجميعهم يديرون المنظومة بشكل امن تماما .
وأسعارنا للسوق المحلي لا تتجاوز 45% من الاسعار العالمية .
وحسب النشاط الاشعاعي وأقل مولد مستورد سعره قبل الضريبة يصل الي 16الي 30 الف جنية ، بينما نبيع المولد والذي ننتج‘ بأعلي كفاءة للمستشفيات بحوالي 8 الاف جنيه . وهو ما ينعكس علي المواطن المصري .
ويتم حاليا تصدير الاحتياجات السورية من المواد اللازمة للتشخيص والعلاج وباقي الاغراض الصحية .
كما يجري التفاوض حاليا للتصدير للارجنيتين وكوريا وروسيا وقد حصلوا علي عينات لمراجعتها وتجريبها قبل التعاقد.
ولكن الدول الافريقية لديها مشكلة عدم توافر المولدات التي يستخدم من خلالها العلاج والتشخيص وهو ما نحاول ان نساعدهم في الحصول عليه .
تابعونا : الطاقة الذرية و تأمين الحدود