 (1).jpg)
أسامة داود يكتب : الثروة المعدنية دماء مستباحة

ما بين وزير و27 محافظًا تتخضب تضاريس مصر بدماء ثرواتها التعدينية والمحجرية، وتتوه المسئولية، وتختفى الحقيقة، ويفلت المخطئ.. ومن هنا تعيش هيئة الثروة المعدنية فى مصر أسوأ عصورها، رغم ريادتها عالميًا.. حيث يعود تاريخ إنشائها إلى عام 1896 قبل ما يقرب من قرن وربع القرن على يد مؤسسها الأول الكابتن "لوينز" بأمر اللورد كرومر مندوب بريطانيا فى مصر وقت الاحتلال.
عملية الإنقاذ تتطلب تكاتف وتضافر جهود كافة قطاعات الدولة ووزارتها المتداخلة فى هذا الملف ومنها البترول والإدارة المحلية والتجارة والصناعة والاستثمار والمالية وقطاع الأعمال العام وعلى أن تتوحد القيادة تحت لواء وزارة مستقلة للتعدين.
توحيد القيادة يعنى توحيد القرار وهو الحل الوحيد للملمة وتفعيل دور الثروة المعدنية للخروج بمصر من أزماتها الاقتصادية وهو ما يجعل مصر بثرواتها التعدينية تتجاوز ثراء دول الخليج البترولية.
جميع الخبراء أكدوا أن أسلوب إدارة الثروة المعدنية من خلال وزارة الصناعة سابقًا والبترول حاليًا يأتى على هامش اهتماماتها مما جعلها كنزًا فى باطن الأرض دون استخدام، وفى الوقت الذى يعيش الوطن حالة من الجفاف الاقصادى الخانق والأزمات الاجتماعية المتراكمة.
لم يكن الإهمال فقط هو السبب، لكن هناك جريمة ارتكبت عمدًا ومع سبق الإصرار ساهمت فيها جميع البرلمانات السابقة والخوف أن يكون أيضا مجلس النواب الحالى ومن خلال رموز من المستفيدين ساهموا فى شل حركة هيئة الثروة المعدنية وتركها على حالها تعيش فى ظل عشوائية مفرطة.
وباعتراف وزير البترول المهندس طارق الملا أن الهيئة لم تجذب أى استثمارات منذ عام 2014.
وأضاف أن مصر لم تستطع توظيف ثرواتها المعدنية أو استغلالها كما يجب، مشيرًا إلى عجز القانون عن تنفيذ ذلك.
وقال إننا مازلنا فى مرحلة مراجعة مواد القانون الذى صدر فى عام 2014 لإجراء التعديلات المطلوبة على ضوء دراسة جميع القوانين فى الدول المشابهة لنا مثل إفريقيا وأمريكا اللاتينية والاستعانة بما يناسبنا منها.. وأضاف أن وزارات الإدارة المحلية والبيئة والتجارة والصناعة وأيضًا التخطيط والمالية شركاء لنا ومسئولون عن إعداد القانون معنا.
سألت الوزير عن استراتيجية التعامل مع مراكز القوى الذين يواجهون أى تعديلات فى قانون الثروة المعدنية داخل البرلمان وعلى مدار المجالس السابقة .
قال إن هناك دعمًا رئاسيًا لهذا الملف حاليًا يبدأ بقرار مصر استضافة المؤتمر العربى الخامس عشر وقرار الرئيس بأن يكون تحت رعايته والذى يُعقد الأسبوع المقبل بداية من يوم الأحد فى القاهرة.
لكن يبقى هناك من التساؤلات ما يتطلب الإجابة عنها حتى يمكن للقائمين على هذا الملف الانفلات من حالة التبلد التى يعيشها ومنها.
لماذا تأخرت مصر إفريقيًا وعربيًا فى الاهتمام بتوظيف إمكاناتها فى مجال الثروة المعدنية؟.
أسباب عجز مصر عن الاستفادة من تلك الثروات علمًا بأنها من الدول التى تملك قدرات علمية وبحثية فى هذا المجال ومن خلال هيئة يصل عمرها إلى ضعف أعمار عدد من الدول؟
كيف تتفوق زامبيا على مصر علمًا بأن مصر هى من تولت إنشاء هيئة الثروة المعدنية فى زامبيا فى الستينيات لتكون نموذجًا للهيئة المصرية؟
لماذا تمكنت زامبيا من وضع تشريعات قفزت بالاهتمام بالثروة المعدنية جعلتهم يتخطون مصر؟ وكيف حققت أوغندا فى 2015 إيرادات بلغت 15 مليار دولار من التعدين فى الوقت الذى لا يملكون ما تملكه مصر من دراسات أو قدرات بحثية وخبرات علمية وعملية.
لماذا تظل وزارة البترول صاحبة القرار فى أمر تلك الهيئة رغم عجزها فعليًا عن التعامل مع ثروات مصر المعدنية والمحجرية بأسلوب علمى؟
كيف تترك الدولة بكل مؤسساتها مجموعات من مراكز القوى تستولى على خيرات مصر المعدنية والمحجرية وتبددها فى ظل عجز القانون عن حمايتها؟.
وأخيرًا ما هو العلاج الحقيقى لانتشال كنوز مصر المعدنية والمحجرية وتوظيفها بأسلوب علمى سليم بعيدًا عن
العشوائية والتعقيدات وتعدد القرارات؟
كلها تساؤلات نجيب عنها ونقدم الحلول فى حلقات قادمة إن شاء الله.