أسامة داود يكشف : معركة الذئاب والضباع مع النصر للتعدين

أسامة داود

بعد أيام من "عزل" شريف سوسة : مشروعات وهمية تكشف معركة الذئاب والضباع  مع النصر للتعدين

صدى واسع أحدثه انفراد طاقة نيوز عبر 3 حلقات بتاريخ 7 و11 و15 من شهر أبريل الحالى. تم الكشف من خلالها عن خطة الشركة القابضة للصناعات المعدنية باستبعاد رئيس شركة النصر للتعدين بعد رفضه الدخول كـ"كومبارس" فى مشروعات داخل نطاقة شركته ولصالح القطاع الخاص.

قرار استبعاد رئيس شركة النصر للتعدين والذى جاء يوم 17 أبريل وعبر سلسلة إجراءات تخالف اللوائح والمنطق.. وبأسلوب يُعد الأول من نوعه فى تاريخ قطاع الأعمال العام وهو العزل، يضع علامة استفهام حول القرار.. وهو ما السبب الأساسى لعزل الدكتور شريف سوسة؟ ولماذا لم يتم التحقيق معه؟ وهل التحقيق كان سوف يكشف عن وقائع قد تهدد عرش بعض المسئولين فى قطاع الأعمال العام؟ كلها تساؤلات قد تجيب عنها المستندات التى حصلنا عليها.

جاء قرار العزل عبر مجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات المعدنية والذى يتضمن معظمه عناصر غير تابعة لشركات قطاع الأعمال العام ولكنها تتبع شركات وكيانات خاصة ما عدا القليل منهم وقد تم تعيين معظمهم من خلال رئيس القابضة الدكتور مدحت نافع.. وهم المستشار محمود فوزى عبد البارى وحسام محمد عبد العزيز وهو من أصحاب المصانع عضو مجلس إدارة غرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات وعضو مجلس إدارة المجلس التصديرى للصناعات الهندسية، ومينوش عادل صالح عبد المجيد عضو مجلس إدارة إتش سي للأوراق المالية والاستثمار مساعد رئيس هيئة سوق المال، والدكتور جمال محمد مجاهد، ونضال القاسم عسر البنك المصرى الخليجى، والمهندس خالد منير حسنين الفقى ممثل اتحاد العمال بالإضافة إلى اثنين من الأعضاء يتبعان بنك الاستثمار القومي واثنين ممثلين للعمال وهما ناجح جمعة حسن ومحمد أبو الحسن إبراهيم.

وقد وافق أعضاء مجلس الإدارة المساهمين وهم 7 معينين من جانب الشركة القابضة و2 وهم التابعين لبنك الاستثمار والذى يملك 26,7% من أسهم شركة النصر بينما تملك الشركة القابضة باقى الحصة وهى وهى 73,3%, على تحقيق رغبة الدكتور مدحت نافع رئيس الشركة القابضة للصناعات المعدنية بعزل رئيس شركة النصر وبعد رفض الأخير تقديم استقالته، كما رفض مجلس الإدارة تلبية طلب رئيس النصر بالتحقيق فى النزاع الدائر بينه وبين رئيس القابضة.

العزل كان هو الحدث الأول من نوعه فى تاريخ قطاع الأعمال العام، وكأنه هو مكافأة سوسة على تحويل شركة النصر للتعدين من الخسارة إلى الربح.

من جانبه رفض وزير قطاع الأعمال العام الاستجابة لمذكرة تقدم بها شريف سوسة لفتح تحقيق موسع حول وقائع تؤكد محاولة القابضة إسناد مشروعات صناعية لصالح شركات قطاع خاص بعدما جهزت شركة النصر لإنشائها.

رجال الأعمال المدعومين من رئيس الشركة القابضة للتعدين، تكشف مكاتباتهم العديد من الوقائع نتولى سردها وبالتفصيل.

المذكرة التى رفضتها النصر

حصلت طاقة نيوز على نسخة من مذكرة تفاهم كانت قد تقدمت بها شركة فرفوس للأسمدة الكيماوية وهى شركة مشتركة بين شركة إيكوفوس وإيفر جرو المتخصصة فى صناعة الأسمدة ويمثلها رجل الأعمال محمد الخشن.

تقول المذكرة إن "فرفوس" وهى شركة مشتركة بين "إيكوفوس بلجيكا" وشركة "إيفر جرو"، تنوي تطوير وتمويل وتشييد وتشغيل وإدارة مجمع للأسمدة الفوسفاتية يقع فى السباعية وهى المنطقة الغنية بخام الفوسفات عالى الجودة بأسوان بصعيد مصر، وبغرض التصنيع.

تضيف المذكرة أن شركة "فرفوس" تنوي تصنيع 440 ألف طن فى السنة من فوسفات ثنائى الكالسيوم كأعلاف حيوانية أو أسمدة و60 طن من كلوريد الكالسيوم اللامائية الحبيبية و650 ألف طن من حمض الكبريتيك ومليون طن فى السنة من كبريتات الكالسيوم.

تتمدد "فرفوس" الشركة المشتركة بين الخشن وبلجيكا فى السرد فتقول إن شركة النصر للتعدين التى تعمل فى مجال استخراج وتعدين صخر الفوسفات من مناجم السباعية، لديها مساحة من الأرض تصلح لإقامة مصنع "فرفوس" أي أنها تريد أن تنتزع أرض النصر للتعدين لتقوم بإنشاء مصانعها على جثتها.

كانت مذكرة التفاهم قد تجاوزت الحدود المسموح بها منطقيا فقررت أن تفرض شروطها على شركة النصر المالك الفعلى للمنجم وصاحب الأرض التى كانت قد قررت تجهيزها لإقامة مشروعاتها التصنيعية الأربعة عليها والتى تبدأ بإنتاج حمض الفوسفوريك، ثم الدخول فى صناعات متقدمة تصل إلى الأسمدة وغيرها.

عرض غير اقتصادى

كانت مذكرة التفاهم قد وردت إلى شركة النصر فى فبراير 2018 فقررت على الفور تشكيل لجنة تضم عدد من الجيولوجيين والكيميائيين والقانونيين والمحاسبين لدراسة ما جاء بمذكرة التفاهم التى قدمتها شركة فرفوس.. لتكتشف أن المذكرة وهى صيغة اتفاق قد خلا من تحديد التزامات كل طرف وواجباته وعدم وجود أى دراسات جدوى للمشروعات التى تقدمت بها وأشار الخبراء فى دراستهم لمذكرة التفاهم بأنها تتحدث عن مشروعات غير ذات جدوى وشرحت بالتفصيل مخاطر تلك المشروعات وأنها سوف تؤدى بالشركة إلى تحقيق خسائر مثلما حدث فى شراكة النصر فى مشروعى الشركة المصرية الهندية للأسمدة والتى كانت تملك فيها نسبة 24% مقابل 16 مليون جنيه وهى الآن تحت التصفية بعد أن حققت خسائر ابتلعت معظم رأس المال، بالإضافة إلى مشروع الشركة المصرية لبلوكات الانود الكربونية والتى تشارك فيه النصر بنسبة 20% مقابل 6 ملايين دولار تحملتها كحصة لها، وتتعرض الشركة حاليا للخسائر الفادحة وجارى اتخاذ إجراءات التخارج منها.

وأضاف تقرير الخبراء فى دراستهم للموقع أن الحل الوحيد لشركة النصر أن تتولى إنشاء مصنع لحمض الفوسفوريك وعلى ألاتستعين النصر بأى شركاء فيه وذلك لتحقيق قيمة مضافة لخام الفوسفات ذى الجودة المنخفضة.

وأشارت الدراسة إلى امتلاك النصر كميات كبيرة من احتياطى خام الفوسفات منخفض الجودة، مجهز وناعم وخشن تقدر كمياته بأكثر من 7 ملايين طن بالإضافة إلى احتياطيات تتمدد على مساحة من الأرض تزيد على 100 كيلومتر مربع وفى ظل توافر كافة الخدمات اللوجستية من موانئ بحرية ونهرية وخط سكة حديد.

كما تمتلك النصر القدرة على توافر السيولة النقدية سواء من فائض أرباحه أو من تمويل خارجى ميسر لبدء أى مشروع.

كانت تلك الدراسة هى الرد على محاولة شركة "فرفوس" الكيان الذى يجمع بين إفر جرو وإيكوفوس البلجيكية.

رفض شركة النصر للعرض من شركة "فرفوس" والذى قدم لها عبر مدحت نافع رئيس القابضة للصناعات المعدنية، كان من العوامل التى ساعدت على اشتعال الموقف والذى أدى إلى قرار العزل.

فى تاريخ 30 يوليو 2018 وصلت رسالة من رئيس القابضة مدحت نافع إلى شريف سوسة رئيس النصر للتعدين عبر الميل تحمل عبارة واحدة نصها "بخصوص موضوع شراكة النصر للتعدين فى فرفوس مطلوب الإفادة..".

وأرسل مع عبارته خطابًا كان قد وصله من شركة "إيفر جرو"

يحمل الخطاب كلمات تم صياغتها بأسلوب الأمر، ومن المفروض أن يصعب تقبلها من أى قيادة ترى أن للمال العام حرمة، ولموقع رئيس الشركة القابضة بأس وقوة.

فيقول الخطاب ــ والممهور بتوقيع نائب رئيس مجلس إدارة "إيفر جرو" للمشروعات المهندس عبد العظيم العباسى، (لقد سبق وتم عقد عدة اجتماعات مع شركتكم بخصوص موضوع شراكة شركة النصر فى مشروع فرفوس وحتى تاريخه لم نتلق أى رد منكم أو من الشركة نفسها بخصوص هذا الموضوع).

بالنظر فى كلمات الخطاب نكتشف أن "إيفر جرو" لم يكلف رئيس مجلس إدارتها السيد محمد الخشن نفسه عناء مخاطبة رئيس الشركة القابضة بل جعل نائبه هو من يخاطبه وهذا لا يليق.

الأمر الثانى وهو يشير فيه إلى أن شراكة شركة النصر فى مشروع فرفوس وهنا نكتشف أن رجل الأعمال وشركته المشتركة مع شركة أجنبية يرون فى أنفسهم أنهم أصحاب مشروع لم يملكوا أرضه أو خاماته أو استثماراته بل يتعاملون مع شركة من أعظم شركات مصر بعنجهية الغازى المحتل. متناسين أن شركة النصر هى صاحبة الأرض التى سوف يقام عليها المشروعات وأنها مالكة كل الخام الموجود باعتبارها شركة دولة. وهنا يكون السؤال.. لماذا يقبل رئيس القابضة أن يتم التعامل معه من نائب رجل أعمال بهذا الأسلوب؟

إن كان يرضى لنفسه هذا الأمر فهو وشأنه ولكن عليه أن يعلم أن لمكانة مقعد رئيس الشركة القابضة التى تملكها الدولة كرامة هى من كرامة الدولة.

أعتقد إن شركة إيفر جرو لو كانت هى وشريكتها البلجيكية من المحتلين الغزاة ما تضمنت مذكراتهم هذا التعالى والصلف والغرور والرغبة فى تجريد النصر من أملاكها وتحويلها إلى مشارك تابع ذليل لا يملك ولا يدير ولا يكون له إلا التخلى عن كل ما يملك لصالح المحتل الجديد.

حيث تقول فرفوس المزعومة أنها تنوى تطوير وتمويل وتشييد وتشغيل وإدارة مجمع الفوسفات الآزوتية بينما على شركة النصر للتعدين أن تقدم لها الأرض والخام وأن تكون فى الصفوف الخلفية فى كل شيء مقابل أن تحصل على فتات الأرباح عبر نسبة مشاركة هى حددتها 10% أو 20% على أقصى تقدير.

بينما لا يكون لشركة النصر الحق فى دراسة المشروعات التى يريد القطاع الخاص فرضها عليها ودون أن يكون لها حق الدراسة والمناقشة واكتشاف حقيقتها.

ولو رأينا هذا الدور الخطير التى تلعبه شركات القطاع الخاص تجاه شركة النصر التى يسيل لعاب البعض عليها بعد أن أصبحت تحقق إيرادات بمئات الملايين سنويًا، لاكتشفنا أن القطاع الخاص يسعى سعى الضباع والذئاب والثعالب لانتزاع لحوم وشحوم وعظام شركة النصر بين أنيابهم وأعتقد أن هجوم رجل الأعمال شريف الجبلى ودخوله المثير للشك فى أمور شركة النصر، ثم شركة إيفر جروعبر شراكتها مع شركة بلجيكية هو أكبر دليل على ما حدث ويحدث فى شركة النصر وإن غدًا لناظره قريب!.