علي ابراهيم يكتب عن مسلسل ابن "الغابة"

على إبراهيم

حتى اذا تغاضينا عن الفشل في الحديث بلسان اهل ملوي وقراها التي لم تصادف كلمة واحدة مشابهة لهذه اللكنة غير نطق "عبدالقادر" لكلمة ملوي،  وبغغير ذلك لاتنتمي اللهجة التي يتحدث بها مسلسل "ابن الغابة" الشهير تلفزيونيا ب" ابن الغلابة"  وبغض النظر عما ستئول  إليه الأحداث حتى نهايته، فإن العادات والتقاليد التي يعج بها العمل ويروج لها ليست موجودة على إطلاقها في هذه البقعة الجغرافية من مصر إن لم تكن لاتنتمي لتقاليد المصريين عموما بغض النظر أن كانت تلك التقاليد أخلاقية ام مجرد موروثات من أجيال تسلمها لأجيال.
لا اتحدث هنا بلسان الناقد الفني الذي يتناول نقاط الضعف والقوة وجودة المادة المقدمة والقيمة الأخلاقية  والأدوات وزوايا التصوير وملائمة الممثلين للشخصيات التي يجسدونها، والرسالة التي يرغب في توصيلها للمتلقين، بقدر ما اتناول العمل باعتباري أحد ابن المنطقة التي يقول المسلسل أن الاحداث جرت في نطاقها حيث لا يبعد مسقط رٱسي عن مدينة ملوي اوقرية "نواي" التي ينتمي اليها عيسى الغانم وعائلته،  وتدور في محيطها الأحداث باكثر من عشرين كيلو متر.
فشخصية صفية شقيقة عيسى مختلقة من اولها لأخرها وغريبة  عن منطقة ملوي والصعيد عموما وبعيدة عن تقاليد تربت عليها المرأة الجنوبية، وماتقوم به خارج نطاق العقل اساسا فلا توجد سيدة تحب أخيها أو تعاديه يمكن لها أن تقوم بالابلاغ عنه جهرا أو حتى خفية أيا كانت الجريمة التي ارتكبها أو مدى فظاعتها، فضلاً عن أنها تواجهه مواجهة ندية بين شخصين، ولا يمكن بأي حال من الأحوال -ان فعلت-  ذلك أن تعيش هكذا بين أسرتها غير منبوذة وفوق ذلك توجه اخوتها وتقودهم !!
أما إحدى الغرائب الثانية في القصة هي شخصية زينب وزوجها حسان ، حتى إذا كان ارتباطهما  وتزوجها بطريقة غير سوية تحدث في كل المجتمعات، غير أنه لا يوجد في تقاليد القرية عموما ولا -الصعيد خاصة- أن تواجه سيدة زوجها بأنها تزوجته لتكيد به زوجا اخر وأنها لا تقبله وتجاهر بحبها لشخص ثاني "عيسى" وهي في عصمة زوجها أيا كان مستواه الاجتماعي أو صفاته الشخصية، ولا يمكن لأي رجل في هذه البقعة أن يرتضي بحياة مع مثل هذه السيدة !!
لا ضير من أن أكرر انني لا تناقش الأفعال في حد ذاتها ولا المشاعر لكنني اوضحها في ظروف محيط وقوعها وعاداته سواء اتفقت أو اختلفت مع تلك التقاليد، ولا أعتقد أن مجتمعا مهما كانت ظروفه الاقتصادية أو الاجتماعية أو موقعه الجغرافي أو موروثه التاريخي ليس فيه فضيلة واحدة يظهرها العمل الدرامي، من أول الابطال الرئيسين عيسى واخويه منتصر وحمزة وفرح ثم زوجها عزت وضاحي وعبدالقادر ورشوان  وصفية وزينب وحسان والصيدلي
 والمدرسة زميلة عيسى وعيد ووو ..
هذه ليست حياة في مجتمع بقدر ما هي صراع في غابة، لا توجد فيه فضيلة واحدة توحد ربها، وسيكون متسقا مع أحداثه لو كانوا استبدلوا اسمه بابن الغابة بدلا من"الغلابة" الذين لم يكونوا في حاجة لإضافة غلبا على عليهم!!