ناصر أبو طاحون يكتب: بريد جمال عبد الناصر

ذكرني الصديق نظمي قنابر بموضوع يستحق التفكير فيه و المتعلق بمحتوى بريد جمال عبد الناصر و الخطابات التي نقلها لمكتبه الالاف من سعاة البريد من كل ربوع الوطن. و يستحق ذلك الموضوع أن نوليه المزيد من البحث و التدقيق للنظر في طبيعة تلك الخطابات و محتواها و المراحل العمرية لمرسلي تلك الخطابات لقد أطلق الصديق في نفسي أفكارا جديدة للإجابة على بعض التساؤلات فتلك الفترة من تاريخ مصر كان لها طابع خاص من حيث حالة النمو و التنمية التي كانت تشهدها البلاد و سلم الصعود الاجتماعي تشيده الثورة لأبناء الشعب بلا تمييز، وهذا الأمر هو ما دعي الألاف يتنافسون في كتابة الخطابات لجمال عبد الناصر و كان من أكثر الفئات التي تتشجع على مثل هذا الأمر طلاب المدارس معظم هؤلاء الطلاب الذين راسلوا رئيس الجمهورية صاروا نجوما و قادة في المجتمع و اساتذة جامعات و علماء و أطباء و مهندسين و مدرسين و صحفيين و كتاب ومن هؤلاء الذين كانوا يفاخرون بمراسلتهم لجمال عبد الناصر و ردهم عليه كان الدكتور  احمد زويل الطالب بالثانوي وقتها اللافت هنا ان الشىء الغالب على تلك الخطابات المرسلة لجمال عبد الناصر انها لم تكن تحمل شكاوى أو مناشدات ، نعم لم تكن خطابات تسول أو طلب وظيفة أو خدمة، بل كانت في معظمها خطابات تحية للقائد و دعم له و شد على يديه من شباب صاعد، يرى في الزعيم صدقه و اخلاصه و سعيه الدائم و المستمر لكي يسابق  أحلامهم نعم كانت خطابات محبة و شكر و رغبة في تعبير الشباب عن حبهم لبلادهم و للقائد و رغبتهم في أن يكونوا جزءا من حركة الوطن نحو التنمية و التحرر وبناء مجتمع تكافؤ الفرص الشىء الجميل أن القائد رغم كل أعباءه القاتلة ،كان يرتفع لمستوى طموحات تلميذ اعدادي أو ثانوي و يرد عليه بخطاب لطيف يوقعه بنفسه، و يعبر له عن سعادته بخطابه متنميا عليه العمل بجد و اجتهاد من أجل ان يبني نفسه و يفيد وطنه و يأتي احتفاظ كل شاب أو صبي بخطاب جمال عبد الناصر له ضمن مقتنياته الثمينة لعقود طويلة، ليؤكد أن الأمر يتخطى كونه خطاب من بضعة أسطر،  ليصل الى حد اعتبار هذه الورقة وثيقة ارتباط بين الشعب و القائد في تلك المرحلة  

بريد جمال عبد الناصر

  و تقديري ان الخطابات لم تنقطع في أى مرحلة صعودا لمكتب الرئيس، و لكن يقينا اختلف فحواها و تبدل مضمونها ، و قل عددها فالخطابات أخذت تنحو نحو المطالبات بعلاج مريض أو طلب وظيفة أو خدمة ، بخلاف ما كان سابقا كما اختلفت الفئات العمرية التي تراسل رئيس الجمهورية لصالح كبار السن متخطية الشباب الذين مثلوا الشريحة الاعظم التي خاطبت جمال عبد الناصر و لا أنكر اهتمام رؤساء بخطابات مواطنين و لو بالصدفة خاصة لو كانت من حالات مرضية تطلب علاج او أزمات مالية لأرامل و مطلقات و ما شابه ذلك لكن ذلك يكشف خللا كبيرا في بنية السياسة العامة للحكومة تؤكد غياب العدالة في المجتمع ما احتاج الشكوي للرئيس يحتاج بريد جمال عبد الناصر لمزيد من التمحيص و الدراسة لتقييم تلك الجزئية التي اهتم بها الزعيم و ارتفع من خلالها، كما قلت، لمستوى طموحات و امال شباب مصري احبوه و راسلوه فبادلهم المحبة و التقدير [caption id="attachment_77703" align="aligncenter" width="595"] بريد جمال عبد الناصر[/caption]