أسامة داود يكتب : قنديل والبنبي وفهمي ورحلة الغاز الطبيعى

في عام ١٩٧٧قام الكيميائي عبد الهادى قنديل نائب رئيس هيئة البترول للعمليات وقتذاك بتشكيل عددا من اللجان تحت اشراف المهندس حازم حماد.

وكانت اللجان معظمها من العناصر الفنية بنيابة العمليات بهيئة البترول من الإدارات المعنية بالنقل والتوزيع والدراسات الفنية وكانت تضم عددا من المهندسين والكيمائيين المشهود لهم بالكفاءة ومن بينهم المهندس عبد المنعم ابو السعود وحسن سعيد وعبد العزيز الحريرى ومدحت يوسف وهانى سليمان وعبد الله بسطويسى.

زيارات ميدانية

- يقول الكيميائى مدحت يوسف كانت مهمة تلك اللجان القيام بزيارات ميدانية لمصانع الاسمنت وشركات الكهرباء لاقناعهم بالتحول لاستخدام الغاز الطبيعي بديلا عن المازوت وكان سعر المازوت وقتها لم يتجاوز 15 جنيه للطن بينما سعر الغاز كان لا يتجاوز قروش للمليون وحدة حرارية. - ويتذكر يوسف مدى المعاناة التى كانت تواجه تلك اللجان فى اقناع الشركات الصناعية الحكومية بالغاز الطبيعى كوقود له مزاياه الفنية والبيئية في ظل استمرارية تدفيعة دون ضرورة توافر خزانات علاوة علي انخفاض تكلفته التى تكاد تكون مجانية. - ويضيف يوسف قائلا كم عانت تلك اللجان من صعوبات كثيرة فى اقناع قيادات الشركات الصناعية، رغم انهم جميعا كانوا ينتمون للقطاع العام من شركات أسمنت وأسمدة ومصانع الحديد وصناعة السيارات والاجهزة المنزلية وغيرها وذلك من منطلق اللي نعرفه أحسن من الجديد المجهول... - لم تكن البداية مشجعة ولكن قامت اللجان المشكلة بمواصلة طرق كل الابواب وكان يتم توجيهها من جانب عبد الهادى قنديل بشخصيته القوية وحنكته العملية وكان يدفع بالوزير أحمد عز الدين هلال والدكتور رمزى الليثى رئيس الهيئة للتدخل لدى قيادات الدولة ومنهم مجلس الوزراء ووزارتى الكهرباء و الصناعة لإلزام رؤساء الهيئات والشركات الوطنية للاستماع لتلك اللجان ومناقشتة أعضائها فى أمر استخدام الغاز الطبيعي والانصياع والقبول بالوقود الجديد وبإعتباره الافضل بيئيا واقتصاديا .

قنديل والليثى والضغط السياسى

- تقرر ان يتم مخاطبة الهيئة العامة للتصنيع بطلب الوقوف والمعرفة الدقيقة لموقف مشروعات الخطة الخمسية لكافة المصانع والوقوف علي احتياجاتها من الوقود للاتفاق على امدادها من الغاز الطبيعى. الا ان الهيئة لم تقم بالرد أو الاهتمام بما بكل ما تطرحه تلك اللجان - لكن الاستمرارية والضغوط التى كانت تمارس على رؤساء مجالس ادارة تلك الشركات الصناعية من القيادة السياسية أحدثت نوع من التخلى عن مواقفهم المتحفظة تجاه استخدام الغاز بدلا من السولار والمازوت. بالتدريج بدأت الاستجابة لدخول الغاز الطبيعي واستخدامة في وحدات صناعية صغيرة وكانت منطقة حلوان هى الوجهه الأولي للتطبيق لاكثر من سبب وهو أن حلوان تكثر بها مصانع الاسمنت كثيفة استهلاك الوقود. بالاضافة الى كونها المنطقة الاقرب لخط نقل الغاز من ابو الغراديق والذى يقع فى أقرب منطقة بطريق الواحات للجيزة. ثم بدأ التوسع في الاستخدامات خصوصا في صناعة الاسمنت وبعد ضغوط من وزارة الصناعة وتجارب تم اجرائها حيث كان الخوف دائما من تجربة استخدام وقود جديد خوفا من عرقلة الانتاج او التأثير علي الخطط الانتاجية لتلك الصناعات الهامة. بعد الانتهاء من حلوان والتى كانت تجربة مفيدة تم التوجه الى منطقة وسط الدلتا حيث حقول شركة جابكو الغازية بالقرب من مدينة طلخا وتم استخدام الغاز فى مصنع أسمدة طلخا ثم محطة كهرباء طلخا ثم أنطلق ليصبح هو الوقود الاكثر إنتشارًا. . بعد نجاح الغاز الطبيعي بشكل اقتصادي مؤثر بدأ التهافت علي الغاز الطبيعي من قبل الشركات الاستثمارية الجديدة خصوصا في مجالات صناعة الاسمنت والحراريات والأسمدة النتروجينية والغزل والنسيج وخلافة علاوة التوسع المطرد في توليد الكهرباء ليتم ربط اغلب محطات توليد الكهرباء بشبكة الغاز الطبيعي التي تشعبت بشكل كبير بعد ارتفاع معدلات انتاج الغاز الطبيعي بعد تعديل اتفاقيات التنقيب عن الغاز الطبيعي.

رحلة الغاز الطبيعى بين قنديل والبنبى و فهمى

في السابق كانت الاتفاقيات البترولية ترتبط بعملية البحث عن الزيت الخام فقط ولم يكن للغاز المصاحب للزيت الخام واقع في الاتفاقيات حيث كان يُحرق بالكامل من خلال الشعلة ،، ثم نصت الاتفاقيات فيما بعد بأن يؤول الغاز المصاحب لهيئة البترول دون اقتسام مع الشريك الأجنبي. أما حقول الغاز الطبيعي وبعد التوصل لأسلوب تسويقة وربطة بالاستخدام عن طريق شبكات خطوط انابيب الغاز فكان يتم تسعير ه مقوما بسعر المازوت المحلى ونتيجة لعدم وجود مجالات كبيرة لاستخدام الغاز الطبيعي بشكل كبير ولعدم توافر شبكة خطوط تستوعب كم الانتاج لنقله الى المناطق الصناعية لامكانية التوسع فى استخداماته. - في المقابل كان الغاز الطبيعي سعره يرتبط بسعر المازوت المحلي وبالتالي لم يكن هناك حافز للشركات الاجنبية ان تستثمر فى البحث عن الغاز الطبيعي نتيجة الخسارة المحققة للشريك الأجنبي اذا ما قام بذلك ،بل كان الامر يصل الى ان يتم غلق الابار التى يكتشف ان بها احتياطيات من الغاز ولا يتم الكشف عنها أبدًا ويتم الاعلان عنه بأنه كشف غير اقتصادي.