
أسامة داود يكتب : لجنة "الملا" لتسعير الوقود لا تعرف السولار!!

منذ أسبوع وتحديدًا فى 3 أكتوبر الحالى خرجت علينا ولأول مرة ما تسمى بلجنة التسعير التلقائى للمنتجات البترولية التابعة لوزارة البترول والوزير طارق الملا.. تزف بشرى خفض أسعار البنزين بكل مستوياته 80 و92 و95 بقيمة 25 قرشًا لكل لتر. أرجعت اللجنة القرار إلى التعامل على أساس متوسط سعر البترول عالميًا. وأشارت إلى أن الأسعار كانت محددة فى الموازنة التقديرية بمبلغ 67 دولارًا للبرميل ووجدت أنه خلال الأشهر الثلاثة الماضية لم يتجاوز المتوسط 62 دولارًا للبرميل. وكل دولار نقص أو زيادة فى سعر البرميل يُترجم على مدار العام فى الاستهلاك بقيمة 5 مليارات جنيه بالنقص أو الزيادة أيضًا. كما تم ترجمة التراجع فى متوسط سعر البرميل إلى خفض 250 جنيهًا لكل طن من المازوت. لكن غير المنطقى أن تنعكس قرارات اللجنة العليا للتسعير التلقائى للمنتجات البترولية على البنزين والمازوت ولم تؤثر إيجابًا على أسعار السولار وهو ما يدعو للدهشة. فالسولار أولا من المنتجات البترولية التى تشتق من تكرير الزيت الخام مثلها مثل البنزين والمازوت. ثانيا إن كان هناك رغبة فى إظهار حسن النية من جانب وزارة البترول ولجنتها المزعومة تجاه أسعار المواد البترولية فكان من الأولى أن يُحدث انخفاض متوسط أسعار البترول العالمية تأثيره على السولار مثلما حدث مع البنزين والمازوت.. بل كان له الأولوية ولأسباب عدة أولها أن السولار سلعة تؤثر فى حال تراجع قيمتها أو زيادتها على أسعار جميع السلع والمنتجات زراعية وصناعية، كما تؤثر على النقل بشكل عام ولمحدودى أو معدومى الدخل بشكل خاص، لأن السولار يستخدم فى وسائل النقل البرى والنهرى والسكك الحديدية، وخفض 25 قرشًا فى سعر كل لتر بنزين لا يتجاوز نسبته 3% من سعره الأصلى، ولا يستفيد به إلا شريحة معينة من مالكى السيارات وكل فرد يملك عددًا أكبر من السيارات الخاصة ذات السعة الكبيرة سوف يلتهم أكبر قدر من هذا الخفض فى الأسعار.
500 مصنع أم 25 قرشًا؟
كنت أود أن أقترح لو كان لدى وزارة البترول رؤية أن تعلن متضامنة مع إحدى مؤسسات الدولة مثل هيئة التنمية الصناعية أو الصندوق الاجتماعى أو غيرها من المؤسسات التى يفترض أنها تعمل على تحسين حياة المواطن فى أن توجه مبلغ الـ25 قرشًا والذى يصل فى مجمله خلال الشهور الثلاثة إلى 5 مليارات جنيه إلى مشروع قومى لتبنى تأسيس وإنشاء وتجهيز عدد من الورش أو المصانع.. وليكن 500 ورشة أو مصنع صغير بتكلفة لا تقل عن 10 ملايين جنيه لكل منها وعلى أن يتم اختيار القرى الأكثر فقرًا فى الوجهين القبلى والبحرى وعلى أراضٍ سواء بالظهير الصحراوى لتلك القرى أو على مساحة يتم التبرع بها من الأهالى. وأعلم أن هناك العديد من الجهات بها عشرات من دراسات الجدوى لمشاريع صغيرة منها الشركة القابضة للبتروكيماويات. وهناك مشاريع تتناغم مع طبيعة البيئة منها تدوير القمامة والتعبئة والتغليف وطرق حفظ المنتجات الزراعية وهناك مشاريع يمكن إنجازها لصناعة العديد من السلع كثيفة الاستهلاك والتى يتم استيرادها سنويا بمليارات الدولارات من الصين وغيرها. وكل صناعة يمكن القيام بتأهيل العناصر البشرية اللازمة لها.. والمقرر تشغيلها داخل كل قرية خلال مرحلة التأسيس على أن تُعفى السلع الرأسمالية اللازمة لتلك المشروعات من معدات وماكينات وغيرها والتى يتم استيرادها من كل أنواع الجمارك والضرائب والرسوم. وأرى أن حالة البطالة التى أصبحت متفاقمة فى المجتمع تتطلب حلاً سريعًا لا يستوجب البقاء فى انتظار المشاريع الكبرى الضرورية والتى يستغرق إنشاؤها سنوات. بل يمكن القيام بتنفيذ تلك المشاريع السريعة صغيرة الحجم والتى تُحدث رواجًا سريعًا فى المجتمع وعلاجًا أسر ع للمشاكل الناتجة عن الفقر، وتدريب وتشغيل عدد من العاطلين بها من الشباب والفتيات وفتح أبواب الرزق عبر منظومة عمل يحقق لكل منهم دخلاً بشكل يصون كرامته وإنسانيته. أرى أن هذا الاقتراح مع حق أى جهة رسمية تتبناه فى التعديل والتغيير بما يخدم الفكرة، وسوف تلقى ترحيبًا من أصحاب السيارات أكبر من الترحيب بقرار خفض 25 قرشًا عن كل لتر وعلى مدار 3 أشهر. وأتذكر عندما قررت وزارة البترول وقت أن كان سامح فهمى وزيرًا لها أن تحرك أسعار البنزين من 85 قرشًا إلى جنيه أن يتم توجيه تلك المبالغ وكانت تقدر قيمتها بحوالى 5 مليارات جنيه على مدار العام إلى صرف إعانة بطالة للمتعطلين وبالفعل أعلن بطرس غالى موافقته على المقترح. وبعد التنفيذ تم الاستيلاء عليها من جانب غالى لصالح خزانة الدولة لتسد جزءًا من العجز الناتج عن الإنفاق السفهى للحكومة وقتها وتم ترك البطالة تتفاقم فى المجتمع. أردت فقط أن أتحدث عن تجربة ربما سبقتنا إليها دول أخرى مثل الصين والتى أصبحت قوى عظمى باستغلال القوى البشرية فى أعمال تولت الحكومة التفكير والتخطيط والتنفيذ لمشروعات صغيرة امتصت قوى بشرية نعتبرها نحن نقمة بينما أحالتها الصين بلد المليار ونصف مليار مواطن إلى نعمة.