
ناصر أبوطاحون يكتب : عندما تقفز دولة القانون من القطار

فى حادث إلقاء الراكب من القطار لأنه لا يحمل تذكرة تحدث الكثير من الأصدقاء عن دولة القانون و تطبيقه، وأفرطوا فى توجيه الاتهام للراكب الذى تجاوز القانون و ركب فى قطار "الناس المهمين جدا " بدون تذكرة، متجاوزا النظام و القانون و التعليمات و قد يكون الكلام فى ظاهره صحيح، لكنه بالتأكيد ينطوى على مخاطر هائلة، فلا يعقل أن تكون عقوبة القتل لمن يتجاوزمقامه عند ركوب القطار لكنى هنا لن أتعرض لحق الراكب او الكمسارى او واجبات الدولة، بل سأعرض لفكرة أخرى فى محاولة للتعرف على كيفية امتهان القانون فى بلادنا و الإجتراء عليه و جعله مثل اليمين الباطل من المعروف ان تطبيق القانون و فرض النظام العام فى أى بلد فى العالم هو مسئولية الدولة، و يخضع أغلبية الناس للقانون خضوعا طوعيا خضوعاً طوعيا لتحقيق مصالحهم فى الامن و السلام فى نظام ، فيما تحمل الدولة على الباقين بسيف القانون لفرض النظام طالما يحاولون الخروج على النظام العام للدولة و الذى ارتضاه الشعب. لكن تبقى بديهية أساسية لا يجب إغفالها ، و هى المتعلقة بأن الدولة -بكل أجهزتها -يجب أن تكون فى وضع الملتزم رقم واحد بتطبيق القانون على نفسها، لكى تقنع الجميع أنهم يعيشون فى ظل قانون صارم و نظام عادل يحمل لهم دائما أمانة أنه أمين على مصالحهم و هنا تثور اسئلة مهمة .. ماذا لو تقاعست الدولة عن تطبيق القانون؟؟ أو ماذا لو حابت الدولة بعض أبناءها دون الأخرين؟؟ ماذا لو كان تطبيق القانون اختياريا؟؟ ماذا لو شعر المواطنون أن القانون لن يمكنهم من الحصول على حقوقهم ؟ قبل أن نجيب فلنعد للخلف قليلا..عدة سنوات حينما عقدت السلطة اتفاقا ضمنيا حمل إغراءا للشعب ، أو لمن يستطيع منهم كان نظام المخلوع مبارك ساعيا بقوة للتمديد و البقاء ثم اغراه غرور القوة بالتوريث، و فى سبيل ذلك ارتكب كل الموبقات من تزوير الانتخابات الى محاباة تجار الحشيش و الأطعمة الفاسدة و تجار المتعة ، و لصوص الأراضى و ناهبى المال العام، سراق القطاع العام و كل من جمع مالا من حرام كان او من حلال و غض النظام الطرف عن كل عناصر الدولة و هى تخالف القانون و النظام فالنظام يسكت و يغض الطرف عن البناء الكثيف على الارض الزراعية مع كل انتخابات برلمانية او رئاسية، و بعد الانتخابات يتم تقنين التعديات و اعطاءها شرعية النظام يسكت على لصوص الاراضى و املاك الدولة فينفقون على الانتخابات فيكافأهم بالاعتراف بالتعدى و يقننها لهم يسكت النظام على انتشار الرشوة و الفساد فى دواليب العمل حتى يستكمل ابناءه احتياجاتهم لمواجهة الحياة ، فيما هم يساعدونه على البقاء و الاستمرار حتى وصلنا لمرحة كان المواطن العادى يعمد الى مخالفة القانون و التعليمات حتى لو كانت لمصلحته المباشرة ، سواء كان ذلك لإرضاء روح التحدى لديه ، أو على سبيل العصيان المدنى الصامت و بين ذلك و هذا كان على المواطن ان يبحث عن أى وسيلة لزيادة دخله المحدود بأى وسيلة حتى لو كانت الفرار من تذكرة اتوبيس عام بربع جنيه و هكذا بدأت فكرة التعدى على النظام و القانون من الدولة نفسها دون أن تشعر و خلفها سار الشعب فى ميرة تكسير القانون و الجميع يظن أنه يحسن صنعاً أو يحمى نفسه، سواء الدولة او المواطن حتى وصلنا الأن أن القانون يطبق بالمزاج و بالاختيار و لنا ما يجرى على شاشات التلفزيون العظة و العبرة فالشتائم و السخائم و الخوض فى الاعراض و الذمم و توزيع الاتهامات بلا دليل نهج ليلى متكرر بانتظام رتيب و لا وجود لقانون يحاسب او سلطة تردع فهل بعد كل ذلك تستطيع ان تمتلك الجرأة و لا أقول الصفاقة لكى ترغى و تزبد و انت تتحدث عن القانون الذى كسره راكب القطر المغدور ؟؟ القانون يا سادة يطبق جملة واحدة فلا يعرف زينب او منصور و العدالة معصوبة العينين حتى لا ترى من يقف امامها أما إذا رفعت العصابة عن عنيها و رأت الخصوم و حابت و ظلمت فلا يجب أن يحاول أحدنا أن يقنع الناس أن تقبل صامتة كل ما يجرى حولها عندما تكسر الدولة القانون و تتجاهله و تعطى ظهرها لأحكام القضاء النهائية، فلا كلام مقبول عن إلتزام شعبى به حتى لو كان فى اصغر الأشياء فأحكام القضاء بخصوص علاوات اصحاب المعاشات لا تجد اذنا صاغية او طريقا للتنفيذ و أحكام القضاء باستعادة شركات القطاع العام المنهوبة تراها السلطة مفسدة و بعدين تقول لى الراكب خرق القانون ..يا أخى ..حرام عليك