.jpg)
أسامة داود ينفرد بسلسلة حوارات مع أبطال قطاع البترول في حرب أكتوبر "الحلقة الأولى"

فى ذكرى نصر أكتوبر المجيد تنشر "طاقة نيوز" فى هذه الحلقة شهادة البطل محمد نور الدين أحد أبطال معركة كبريت في حرب أكتوبر والتى استمرت حتى الاول من فبراير 1974 وحتى انتهاء مباحثات الكيلو 101.
[caption id="attachment_9679" align="alignnone" width="300"]
وهى المعركة التى استمرت 134 يوما ومثلت شوكة فى حلق العدو، أثناء حرب أكتوبر تمنعه من استكمال مخططة فى توسيع الثغرة التى لم تكن سوى محاولة للالتفاف على هزيمته النكراء.
المناورة وصد العدوان
فى البداية يروى نور الدين قصة اللواء 130 قائلا "كان الفريق سعد الدين الشاذلى رئيس أركان القوات المسلحة وقت حرب أكتوبر 1973 قد أسس اللواء 130 لمهمة محددة وكان يتضمن كتيبتي صاعقة مدعومتين بالدبابات والمركبات البرمائية وكان دور الكتيبتين مع بدء المعركة أن تنطلق إحداهما الى ممر "متلا" والاخرى الى ممر "الجدى" لصد تقدم اى احتياطيات من جانب العدو وتعطيله لمدة ساعات محددة لمنع تقدمه حتى تعبر قواتنا".
يضيف نور الدين قائلًا "فى الطريق كانت توجد مناوشات واشتباكات مع بعض قوات العدو ولكن استطعنا ان نصل الى الممرات فى وقت قياسى ، واستطعنا ان نوقف تقدم العدو لعدة ساعات وحتى تصل قواتنا من الغرب.
كان الدور المنوط بنا تنفيذه هو المناورة وصد العدوان وكنا وصلنا الى الممرات خلال ساعتين من بدء المعركة".
يواصل نور الدين شهادته بقوله "كنت ضمن أفراد الكتيبة 603 صاعقة وكنت فى ممر الجدى وعندما أنهينا مهمتنا وهى صد القوات البرية للعدو حتى وصلت القوات المصرية واخذت مواقعها، تم تكليفنا بالانتقال الى الغرب.
وفى يوم 8 أكتوبر صدرت التعليمات لاحتلال نقطة كانت محصنة بقوة للعدو وكنا ناتى اليها من المواجهة واقتحمناها واستولينا عليها حيث فاجأناهم من اتجاه الشرق وليس الغرب كما كانوا يتوقعون.
فرت القوة الاسرائيلة أمامنا وقد قتل بعضهم وكان بها حوالى 100 جندى اسرائيلى مجهزين بالاسلحة الثقيلة والخفيفة.
الحفاظ على كبريت
بدأنا بعمل كمائن لمواجهة أى قوات اسرائيلية وكان بالنقطة معدات ومهمات ، وفى يوم 17 بدأ الطيران الصهيونى مع الصاعقة دك الموقع بعمليات قصف مُركز ولم نكن نتمتع بغطاء جوى قوات دفاع جوى لتغطيتنا وكانت كبريت أضيق نقطة فى الممرات وكانوا يريدون من خلال اسقاط كبريت اقامة ممر للانتقال منه للغرب لتكون نقطة موازية لثغرة الدفرسوار القريبة من بور سعيد ولتكون كبريت قريبة من السويس.
كان الضرب بكثافة ولم نكن نتمتع بأى حماية او غطاء من جانب الدفاع الجوى المصرى ، وكان الطيران يقصفنا نهارًا فكنا نختبئ بالملاجئ بينما تأتى محاولات التشكيلات الميدانية لمحاولات إقتحام نقطة كبريت ليلا لكنهم يجدوننا أمامهم فى تحد ونحدث بهم خسائر كبيرة فيعاودون قصفنا نهارا بالطيران وكان التناوب علينا ما بين القصف نهارًا وبين محاولة الاقتحام ليلًا مستمرة لا تنقطع.
كنا لا نعرف تفاصيل ما يدور من معارك بعدما فقدنا كل وسائل الاتصال مع القيادة كان تمسكنا بالمكان ناتج عن إيماننا بالله وبأن ترك ولو حبة رمل قمنا بإسترداها لن يحدث ونحن أحياء.
كانت تحصيناتنا بالملاجئ هى لتقليل خسائرنا البشرية وأيضًا لنستعيد قوتنا وحتى نكون مستعدين لمواجهتهم ميدانيًا ليلًا، حتى لا يستطيعوا إستعادة الموقع مرة أخرى. كانت هناك خسائر تقع بنا الا أننا ظللنا متماسكين ولم نستسلم.
عبدالتواب صخرة الشجاعة
ويروى نور الدين لقطات من بطولات المقدم إبراهيم عبد التواب الذى يصفه بأنه صخرة من الايمان و الشجاعة
يقول البطل نور الدين "كان المقدم ابراهيم عبد التواب قائد الكتيبة يملك شجاعة وقوة غير عادية، كان يضع الخطط لسد كل الثغرات التى يمكن للعدو الولوج منها".
[caption id="attachment_9680" align="alignnone" width="225"]
بدأ المقدم عبد التواب مع بداية العمليات نقل الالغام التى كان قد زرعها العدو شرق نقطة كبريت الى الغرب وعلى مسافات وعبر خريطة رسمها بإحترافية حتى تعيق تقدم العدو نحونا وهو ما ألحق بالفعل بهم خسائر كلما ارادو الاقتراب منا بمعداتهم الثقيلة، خاصة وأن عمليات القصف كانت قد أفقدتنا ما تركوه من معدات بالاضافة الى مخزون المياة والغذاء.
كنا قد فقدنا الاتصال بالقوات المصرية ولكن تم تحديد الهدف الاساسى وعدم الانشغال بغيره وهو الدفاع عن كبريت بكل ما نملك.
محادثات الكيلو 101
لم يتوقف الضرب حتى بعد وقف إطلاق النار ولم يتوقف الا مع محادثات الكيلو 101 وكان الفريق الجمسى رئيس الوفد المصرى فى المحادثات، ولم تكن تصل الينا أى معلومات او امدادات كانت المياه والطعام قد نفذت بعد أن تم ضرب المخازن الخاصة به من جانب العدو لعلمه المسبق بوضع الموقع. ولم يكن لدينا أجهزة أو بوصلة اتجاهات ولم نكن نعرف ماذا وصلت المعركة فى باقى النقاط.
بعد أيام طويلة استطعنا ومن خلال عنصرين من الجنود الوصول الى الجيش الثالث متسللين وسط قوات العدو بعدما علمنا بوضع الثغرة وأننا محاطون بالعدو ، كان تسلل إثنين من الجنود بنجاح حتى وصلوا الى الفرقة السابعة ليعودوا الينا يوم 25 اكتوبر بعدما حصلوا على جهاز لاسلكى، والذى كان يمثل خطوة مكنتنا من بدء عمليات تسلل كان من أهم أهدافها نقل المصابين الى أماكن امنه ليتمكنوا من تلقى العلاج بالاضافة الى الحصول على كميات من المياة والطعام لسد احتياجاتنا بعد نفاذ كل ما لدينا وتعرضنا للهلاك جوعا وعطشًا.
استشهاد الطبيب
ويكمل نور الدين شهادته عن بطولات حرب أكتوبر بقوله" كان التسلل يمثل مخاطرة كبيرة ولدينا أزمة أن لدينا أعداد من الجرحى تصل الى 22 جريحا منهم اصابات خطيرة جدا وكان الطبيب المرافق لنا قد استشهد وكان من الصعب أن يبقوا على قيد الحياة دون انقاذ".
طلب المقدم ابراهيم عبد التواب متطوعين لنقل المصابين على نقالات والتسلل بهم فى ظلمة الليل رغم كل المخاطر لان انتقالنا بهم يكون وسط قوات العدو. على أن يعودوا الينا بما يستطيعون من امدادات من المياة والمواد الغذائية لكى نستطيع الصمود.
أبدى الجميع استعدادهم حتى اضطرالمقدم عبد التواب أمام حماس الجميع الى اجراء قرعة لاختيار المتطوعين وكان لى شرف ان أكون احدهم.
استخدمنا ادوات بدائية لنقلهم حيث استخدمنا بعض الاخشاب وغطاء المعدات وتحويلها الى نقالات.
تحركنا لمسافة 17 كيلو متر للوصول الى الجيش الثالث بالحالات دون أن نفقد منهم أحد.
كان من المواقف البطولية أن أحد الجرحى وبإصابات خطيرة قرر أن يبقى وأن يترك النقالة لزميل اكثر إصابة منه. وبعد الحاح قرر ان ينتقل متكئا على كتف أحد الجنود سائرا بجراحة الخطيرة على قدميه.
سرنا 44 جنديا و 4 ضباط ولم يفطن لنا العدو ووصلنا بهم دون ان يكشف تحركاتنا العدو وأثناء عودتنا ونحن نحمل جراكن مياه وكراتين المعلبات والاطعمة الجافة
كان العدو قد اكتشفنا وقام بقصفنا بنيرانه الكثيفة ولكن لإرادة الله كنا قد اقتربنا من الموقع ليرد زملائنا بقصف مواقعهم القريبة لتغطيتنا حتى وصلنا .
رحلات الموت
مازال حديث نور الدين موصولا عن بطولات قائد الكتيبة ، حيث يقول "لم يتوقف تفكير المقدم ابراهيم عبد التواب عند هذا الحد فقرر تشكيل مجموعات أطلق عليها كتائب الموت تتولى القيام برحلة تسلل عبر القناة فى رحلة أطلق عليها رحلة الموت لتتسلل حتى تصل الى مواقع الجيش الثالث وكان منهم عصام طايل وسيد حرب وعادل منصور، ونجحت تلك المجموعة فى العودة ومعهم لنشات محملة ببعض الامدادات دون أن يكتشفهم العدو وكان أثناء العودة نقوم بالاشتباك مع العدو كنوع من اشغاله حتى لا يكتشف أمرهم.
ومازال للحديث بقية في الحلقة الثانية من سلسلة حوارات أبطال حرب أكتوبر ونتعرف من خلالها على:
البطل ابراهيم عبد التواب وكيف أبهر العالم بصموده وتمكن من اذلال اسرائيل
الثعابين والحشرات طعام الابطال
السادات قال للجمسى أريد عودة أولادى
قصة تكثيف المياه بجهاز بدائى تحمل الحصار 134 يومًا
قصة آخر شهيد فى حرب أكتوبر 1973
قصة الثلاثة الذين رافقوا عبد التواب حتى استشهاده
ما هى وصية البطل ابراهيم عبد التواب لأبنائه الثلاثة