أسامة داود يواصل كشف "مخالفات صفقة الكهرباء" ( 4 )
أثمرت حملة "طاقة نيوز" لكشف المخالفات الخطيرة بمهمات توريد أكبر مشروع ربط كهربائى أنشأته مصر خلال تاريخها ، عن تحرك شركة ستيت جريد الصينية الموردة لجميع مهمات خط نقل الكهرباء الجهد الفائق 500 كيلو فولت والذى يمتد لمسافة 1210 كيلو مترات من شمال مصر الى جنوبها ، بالتفاوض مع قطاع الكهرباء على إصلاح بعض العيوب الجوهرية والتى منها صدأ الأبراج التى تعانق السماء بارتفاع 62 مترا ، كما أسفرت الحملة عن تغيير بعض العازلات التى تشققت وتهالكت قبل مرور عامين على تركيبها.
استدعاء مسئول الشركة الصينية ليتولى إصلاح الخلل الناتج عن المهمات
"ستيت جريد" تتفاوض مع الكهرباء على إصلاح بعض العيوب الجوهرية
وكشف المصادر أنه تم استدعاء مسئول الشركة الصينية الذى أشرف على تنفيذ الخط من إحدى الدول الافريقية ليتولى إصلاح الخلل الناتج عن تلك المهمات ، ومنها حديد الأبراج الذى أصابه الصدأ بعد أقل من عامين على تركيبه بينما كان التعاقد مع الشركة على توريد مهمات تتحمل كل العوامل الجوية والقرب من البحر والضباب والتلوث الصناعى وغيره.
المهم أن عمليات تغيير العازلات تتم من خلال عازلات محلية يتولى تصنيعها مصنع مصرى تم التعاقد معه على انتاج عازلات من نوع "سلفن ربر" المطاطى لكل الأبراج الممتدة على ساحل البحر او المناطق المتاخمة له وبأطوال تصل الى 60 كيلو مترا.
والمثير للدهشة حقا أن المصنع المصرى مقام وينتج منذ سنوات ومعروف لدى وزارة الكهرباء وللشركة القابضة لكهرباء مصر وللشركة المصرية لنقل الكهرباء ومعلوم عنه ان ينتج العازلات طبقا للأكواد المصرية والعالمية.
تغيير بعض العازلات المتشققة والمتهالكة قبل مرور عامين على تركيبها
لماذا صمتت الكهرباء على استيراد مهمات معطوبة لها بديل محلى مطابق للمواصفات؟
الغريب فى الأمر أن الشركة القابضة لكهرباء مصر والشركة المصرية لنقل الكهرباء لم يجدا أمامهما مفر من أن يلجآن الى الصناعة المصرية التى تم تجاهلها سابقًا لإنقاذ الموقف ، فتم الاستعانة بمصنع مصرى باعتباره أكثر المنتجين التزاما بالمعاير والقياسات المطلوبة ، وهنا نسأل : لماذا لم تفرض "المصرية لنقل الكهرباء" على الشركة الصينية توفير احتياجاتها من البداية من تلك العازلات من مصر ، وليس بالاستيراد من الصين؟ .. وكان من الممكن ان يتم تغطية تكلفتها بالعملة المحلية خصما من قيمة التعاقد الذى يتخطى 650 مليون دولار؟
خاصة وأن مصر فى أمس الحاجة الى حقن نزيف الدولار والاعتماد قدر المستطاع على التصنيع المحلى الذى لم يكن معيبًا فى مجال العازلات وهناك مصانع أخرى على نفس الكفاءة ، ولكن يبقى السؤال لماذا السماح للشركة الصينية بتوريد مهمات معطوبة، علمًا بأن لها بديل محلى يتوافق مع القياسات والمعايير العالمية والمصرية؟
مسئول بالكهرباء : العمر الافتراضى للخطوط يجب ان يعاد تقييمه
هناك مفاوضات لإصلاح عيوب الخطوط وتحميلها للشركة الصينية
تغيير العازلات بجميع الأبراج ومد فترة الضمان للضعف أصبح ضرورة
تغيير كل العازلات بكل أبراج خط نقل الكهرباء الذى نفذته الشركة الصينية وليس العازلات التى ظهرت بها العيوب.. أصبح ضرورة ، هذا ما أكده مسئول بقطاع الكهرباء لـ "طاقة نيوز" وبرر ذلك بأن العيوب سوف تظهر عاجلا ام اجلا فى باقى العازلات لانها نفس الخامات ونفس الجودة ، وظهور العيوب دائما يكون حسب المناطق ودرجة تأثرها بالعوامل الجوية والبيئية وغيرها.
وأضاف إنه فيما يخص اصلاح الأبراج الصدئة فيجب أن يتم تغيير للأجزاء التى أصابها الصدأ لصعوبة اصلاحها ، كما يجب تغيير كل القواطع والأربطة والزوايا والمسامير الصدئة بأخرى مجلفنة وطبقا للمعايير والقياسات العالمية والمحلية.
ويؤكد المسئول أن العيوب لم تظهر الا فى المناطق الممتدة على البحر بطول 20 كيلو مترا وهو عبارة عن 3 خطوط تحمل كل منها دائرتين تتولى الدوائر الستة تفريغ الطاقة الكهربائية المنتجة من محطة توليد كهرباء غرب البرلس والتى تصل طاقتها الى 4800 ميجاوات.
وكانت مناطق الدلتا وساحل البحر هى أول من فضح رداءة المهمات المعيوبة التى أنشىء بها خط نقل الكهرباء.. ولكن بالنسبة للأبراج البعيدة عن المناطق الساحلية فسوف تكتشف فيها العيوب بعد سنوات الضمان حسب تأكيد المسئول ، ويرى أن هذا الأمر يتطلب زيادة مدة الضمان والتى يجب ان تغطى العمر الافتراضى للخطوط وهى 50 سنة.. مشيرا الى أن العمر الافتراضى لتلك الخطوط بعد ظهور العيوب يجب ان يعاد تقييمه لأنه من المؤكد مع تلك العيوب التى ظهرت بعد التركيب بأقل من عامين فقط فمن الطبيعى أن الخط بهذه الطريقة لن يتجاوز نصف العمر الافتراضى المقرر له.
وعلمت "طاقة نيوز" أن عملية الاصلاح التى يجرى الاتفاق عليها من جانب ستيت جريد والمصرية لنقل الكهرباء محل جدال حاليًا ، وكانت "ستيت جريد" طلبت من المصرية لنقل الكهرباء فصل الدوائر الثلاث ولكن المصرية لنقل الكهرباء رفضت لان عملية الصيانة سوف يترتب عليها مشاكل فنية بسبب فصل التيار وتقليل الجهد والذى يترتب عليه تراجع انتاج محطات التوليد وكله يأتى فى عداد الخسائر وبالتالى المصرية لنقل الكهرباء رأت أنه من المستحيل فصل دائرتين معًا وتم اشتراط تغيير المسامير المثبتة لزوايا ووصلات البرج بدون فصل.
وقال المسئول أن المصرية تصر على تغيير العازلات الى نوع الربر وهو عازل مطاطى غير قابل للكسر ، ولكن لم يتأكد موافقة "ستيت جريد" على هذا المطلب والذى اعتبره المسئول مقترحنا من البداية وتم تجاهله.
وأوضع أن كل المحاولات الآن تدور فى إطار أن يتم الاصلاح وأن يتم تحميل الشركة الصينية تكاليف اصلاح العيوب الموجودة فى الخطوط.
وقال أن الخط عمره الافتراضى هو 50 سنة مع الصيانة ولكن بهذا الشكل لن يزيد عن 8 سنوات.
ويرى أن الحل لمواجهة ظهور العيوب على فترات متباعدة حسب مناطق زرع الابراج أن يتم مد فترة الضمان لضعف المدة المقررة.
ويرى أن الشركة الصينية لازال لها مستحقات عند الشركة المصرية لنقل الكهرباء وبالتالى يتوقع أنهم يوافقوا لأنه متبقى لهم فواتير كثيرة وهناك 10% محتجزة للضمان النهائى .
وعلمت "طاقة نيوز" أن شريك ستيت جريد والذى يتولى أعمال التصميمات لها يقوم حاليًا بعرضها على المشروعات المركزية للحصول على موافقتها ليتم بعدها التنفيذ.
مصدر بنقل الكهرباء : بدأنا تركيب عازلات جديدة بعد تحطم عدد كبير منها
ويقول مصدر بالشركة المصرية لنقل الكهرباء أنهم بدأوا بالفعل فى تركيب عازلات جديدة بعد تحطم عدد كبير من العازلات وأن عمليات التركيب بدأت خلال النصف الاخير من شهر يوليو الماضى.
وكانت وزارة الكهرباء بعد هذه الفضيحة التى أثرت على سمعتها قد رفضت إعتماد شراء اى مهمات للاستبدال من الصين وطلبت ان يتم الاستعانة بالمهمات المصنعة فى مصر وبالمواصفات المطلوبة مشيرا أنه تم التعاقد مع شركة umr للصناعات والعازلات الكهربائية ، وربما يمتد التعاقد مع تلك الشركة المصنعة للحصول على الملحقات المعدنية والعازلات وهى مجموعة تركيبها مع العازل والتى يركب فيه الاسلاك.
لكن السؤال الذى يطرح نفسه الآن.. لماذا لم يتم الاستعانة بالشركة المصرية المشهود لها بالكفاءة والدقة فى التصنيع للحصول على المهمات بدلا من استيرادها معيوبة من الصين؟علما بأن تلك الشركات تعمل فى السوق المصري منذ سنوات طويلة وليست حديثة؟
ثم ، من الذى وقع على صلاحية تلك المهمات بعد كشف تقرير فنى عن وجود عيوب فيها وعدم صلاحيتها؟
وهل تم اتخاذ اجراءات من الشركة المصرية لنقل الكهرباء او القابضة لكهرباء مصر او حتى وزارة الكهرباء ضد هؤلاء الذين أجازوا او حتى لم يعترضوا على توريد تلك المهمات المعيوبة؟ وان كان تم اتخاذ اجراءات فما هى؟
ومازلنا فى انتظار الإجابة .. وللحديث بقية