مذكرات قنديل .. غضب عبد الناصر.. ومطلب السادات .. وحقل البترول الذى أنقذ مصر ( 2 )
13 سبتمبر 2023 | بتوقيت 9:37 صباحًا

مصر كانت ثانى دولة فى العالم يُكتشَف بها البترول بعد أمريكا
الذهب الأسود كان سببا فى تخطيط الاستعمار لاحتلال سيناء
الاقتراح الذى رفضت كل قيادات البترول طرحه على عبد الناصر خوفًا من غضبه ؟
قنديل : بكيت يوم 9 يونيو عندما شاهدت جنديًّا إسرائيليا يعتلى مئذنة مسجد صغير ساخرا من الأذان
البدرى أنقذ مصر بإصراره على ضخ إنتاج حقل المرجان لرأس شقير بدل سيناء
لماذا أمر السادات ألا يزيد عدد المطلعين على موعد حرب أكتوبر يقطاع البترول عن شخصين ؟
وضعت خطط تأمين احتياجاتنا خلال حرب 1973 بخط يدى.. ولم يطلع عليها أحد
تواصل “طاقة نيوز” نشر كتاب الكاتب الصحفى أسامة داود عضو مجلس نقابة الصحفيين الأسبق والذى ستصدر طبعته الرابعة قريبا ، والذى صدر بعنوان : عبد الهادى قنديل .. حكايتى مع مبارك ورجال ناصر والسادات.. أسرار تنشر لأول مرة ، ضمن سلسلة حوارات أجراها داود عام 2017 مع الرجل الذى تولى منصب وزير البترول – فى زمن مبارك لمدة 7 سنوات من عام 1985 حتى عام 1992 – وكانت بمثابة مذكرات ووقائع لم تُنشَر من قبل.
والى تفاصيل الحلقة الثانية والتى يكشف فيها قنديل أسرارا عن مرحلة نكسة يونيو ودور حقول البترول فى إنقاذ مصر :
لم ولن يكون البترول مجرد سلعة تمثل وقودًا يدير عجلة الاقتصاد فقط، بل كان ولا يزال أكسجينًا يدير حركة الحياة.
ولأهميته التى ربما نظل نجهلها، لا يزال البترول سببًا فى إشعال الحروب والصراعات والنزاعات وتفكيك الإمبراطوريات، وربما سببًا فى استمرار حكم العائلات لبعض الدول.
وللبترول فى مصر قصة طويلة تُحكَى على ألسنة روادها، كانت مصر ثانى دولة فى العالم يُكتشَف بها البترول بعد الولايات المتحدة، واعتبر البترول سببًا فى تخطيط الاستعمار لفصل سيناء عن مصر؛ ليصبح سببًا فى حرب 1967، حيث وجد بها أكبر حقول البترول المكتشف.
وبجانب الشهود تأتى الكواليس والقصص والحكايات فى السياسة والفن والجاسوسية واستغلال النفوذ والصدام بين أفراد الحكومة وبعضها، ربما أكثرها فى عهد «حسنى مبارك».
لقد تمكن رواد قطاع البترول من إعادة الحياة إلى جسد مصر بعدما فقدت الدولة كل حقولها فى سيناء، كما نجحوا فى تشغيل محطات الكهرباء بالزيت الخام وليس بالسولار أو المازوت!
كما كان الفضل بعد الله – سبحانه وتعالى – لأحدهم، وهو أميرلاى مهندس سابق بالجيش، لينقذ حقل «المرجان» من قبضة إسرائيل بفكرة قيل إنها لم تكن سوى إلهام ربَّانى، بعدما كانت الشركات الأمريكية تصر على أن تجعل تدفقات الحقل من داخل سيناء.
روايات وحكايات لأسرار تُكشَف لأول مرة من خلال أحد أهم رجال مصر فى مجال البترول، والذين حملوا أصعب وأشق المهام فى أقسى وأعنف الظروف التى مرت بها مصر، وهو الكيميائى عبد الهادى قنديل.
حمل الرجل بين طيات صدره أخطر الأسرار العسكرية فى تاريخ مصر، وهو الموعد الذى حددته القيادة السياسية والعسكرية لتحرير سيناء (سر موعد حرب أكتوبر)، رغم أنه لم يكن الرجل الثانى فى الوزارة، ولكنه الثالث بعد «أحمد عز الدين هلال» وزير البترول فى هذا الوقت، والدكتور «رمزى الليثى» رئيس الهيئة العامة للبترول، لكن تعليمات السادات لـ «أحمد عز الدين هلال» وزير البترول ألا يزيد عدد المطلعين على موعد الحرب عن اثنين فى قطاع البترول، هما: «هلال» ومعه مسئول واحد فقط.. كان «عبد الهادي قنديل» نائب رئيس هيئة البترول للعمليات، وهو المسئول عن تدبير وتأمين وتوزيع ورسم خريطة المواد البترولية على مستوى الدولة؛ ليصبح ثانى اثنين فى القطاع تم إطلاعُهما على وقت الحرب؛ ليتوليا التجهيز وتوفير كافة الاحتياجات اللازمة للعمليات العسكرية، ولكل أنشطة الدولة واختيار مناطق التخزين الآمنة وغيرها من إجراءات مخطط لها ومدروسة دراسة دقيقة.
النكسة كسرت ظهر البترول
نكسة 1967 كانت هى النقطة الفاصلة فى حياة «عبد الهادى قنديل»، بل فى مستقبل قطاع البترول، وتعد بداية التغير فى رؤية القطاع والذى بدأ يتعامل باستراتيجية مختلفة لإنقاذ مصر من حالة الجفاف التى أصابتها فى مجال البترول.
يروى «عبد الهادى قنديل» مشاهد تدفعه للانفعال معها رغم مرور أكثر من نصف قرن على هزيمة 1967، يقول: «بكيتُ يوم 9 يونيو عندما شاهدت جنديًّا إسرائيليًّا يعتلى مئذنة مسجد صغير على الضفة الشرقية، ساخرًا من الأذان. شعرت بالدنيا وقد اسودَّت فى وجهى، ولكنى كغيرى من المسئولين بقطاع البترول، بل وكل العاملين به، كنا نتشبث بالحياة فى حالة اندفاع نحو مهمة لم تكن سوى الجهاد بكل ما تحمل الكلمة من معانٍ».
ويواصل «قنديل» قائلاً: «لم يكن لدينا رفاهية الخضوع للحزن؛ لأننا مطالبون بالتوصل لحلول لأزمة الطاقة التى اختفت من الوجود، بعد تعرض معملى النصر والسويس للقصف المستمر».
يواصل «قنديل» ذكرياته فى تلك الفترة العصيبة من تاريخ مصر: «جلستُ مع الملحق التجارى السوفييتى فى أعقاب يونيو، فقال: ماذا نفعل لكم؟ أتريدون أن نسلحكم ونطعمكم ونمدكم بالبترول؟ فعلمت أنه لا اعتماد على أحد بعد الله إلا أنفسنا». مضيفاً: «استخدمنا صنادل نقل المنتجات لنقل المياه، واستوليتُ على مركب أجنبى وآخر بموافقة أصحابه لنقل البترول، وتم تكرير الخام فى معمل تكريرعدن باليمن، كما وضعتُ خطط توزيع المنتجات والتخزين وتأمين احتياجاتنا خلال حرب 1973 بخط يدى.. ولم يطلع عليها أحد».
إقرأ فى الحلقة 3
من هو الرجل الذى كان سببا فى إفلات حقل “المرجان” من سيطرة إسرائيل على كل حقول البترول بسيناء ؟
من أقنع عبد الناصر بالاستعانة بالشركات الأمريكية للكشف عن البترول؟
الاقتراح الذى رفضت كل قيادات البترول طرحه على عبد الناصر خوفًا من غضبه ؟