
أستطيع أن أفهم وأقبل أى خلاف إعلامى تجاه أى أزمة داخلية فيما بين الدول العربية وبعضها، أو بينها وبين فصائل أو فصيل من فصائل المقاومة الفلسطينية، ولكن لا أستطيع استيعاب موقف إعلامى عربى لمصلحة الكيان الصهيونى وتبرير مذابحه ومحارقه والتى يرتكبها بهدف فناء قطاع غزة وإزالته من على خريطة العالم وكأن غزة مزرعة ومن السهل تغيير مسماها.
وإن كان للصهاينة هدف وهو ابتلاع أرض فلسطين كاملة وكسر المقاومة التى تمثل الشوكة التى تذكّر العالم أن هناك مسلمين وعربًا لا يزالون على قيد الحياة.. فلا يوجد مبرر لمن يحولون منصاتهم الإعلامية إلى راشقات حقد وتسفيه وإنكار على أهالى فلسطين حق مقاومة المحتل، ، وإلا كانت المقاومة المصرية بلا حق أيضاً وهى التى استنزفت الاحتلال الإنجليزي على مدار سنوات من استهداف جنودهم والخونة من أتباع الإنجليز بالحكومة المصرية ومنهم بطرس غالى الذى قتله إبراهيم الوردانى وكان غالى المسئول الأول عن الإعدامات التى تمت بالجملة بقرية دنشواى إرضاء للإنجليز، بعدما ترأس محكمة دنشواى، بجانب أدوار الخيانة التى لعبها ضد مصر ومنها توقيع اتفاقية السودان، وإقرار قانون النفى الإدارى، وتقييد حرية الصحافة، وتأييد مد امتياز قناة السويس.
ومن المواقف الوطنية للمقاومة المصرية موقف أنور السادات فى شبابه عندما ضحى بعمله وقام وحسين توفيق ومحمد إبراهيم كامل وآخرون بقتل أمين عثمان وزير المالية بعدما وصف مصر بامرأة وإنجلترا برجل وأكد على أن ما بينهما زواج كاثوليكى – أى لا طلاق فيه – وأن على مصر تأييد إنجلترا على الباطل وليس على الحق فقط.
نعم كان هناك أشخاص يريدون لمصر أن تكون شاهد زور لمصلحة الإمبراطورية البريطانية ومنهم بطرس غالى وأمين عثمان، ولكنهما ذهبا غير مأسوف عليهما برصاص مقاومة وطنية.. ورغم ما تعرض له السادات إلا أنه أصبح فيما بعد رئيسًا للجمهورية وإلا لأصبح بمنطق الإعلام العربى المتصهين إرهابياً.
وعلينا أن نتذكر موقف الرئيس جمال عبد الناصر وهو لم يصل الأربعين من عمره عندما وقف فى وجه بريطانيا وفرنسا وانتزع من قبضتهما قناة السويس انتزاع الشوكة من الحرير لتمزق أمنهما وتهز دولتيهما ويتحالفان مع الكيان الصهيونى الذى قاتل بجانبهما، ورغم قوة الخصم إلا أن الشعب المصرى الصامد وجد فى جمال عبد الناصر رمزا للصمود فحمل كل مواطن مصرى سلاحه فى مقاومة باسلة أذاقت العدو كل صنوف العذاب وتكاثرت خسائره.
ورغم محدودية قدرات العرب وإمكاناتهم أثناء العدوان الثلاثى، إلا أن موقفهم الذى كان واضحا فى أبهى صوره، ليتطوع أبناء الملوك والأمراء من كل الدول العربية وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية بجانب المصريين جنبا إلى جنب وتستخدم كل الدول مقدراتها المحدودة فى مواجهة العدوان الثلاثى لتنتصر إرادة مصر وشعبها ورمزها بل والأمة العربية، ويدحر العدو وتكون تلك هى بداية تفكك الإمبراطورية البريطانية وتمزقها أشلاء بعد أن كانت لا تغيب عنها الشمس.
نعم المقاومة سلاح فعال قوى لأنه يعتمد على عدة أمور أهمها وجود عقيدة إيمانية يكون الموت فى سبيلها سهلا ومقبولا ومطلوبًا أيضًا، وأن الدفاع عن الأرض والعرض رسالة مقدسة يهون فى سبيلها كل شيء.
وأثناء العدوان الثلاثى كانت المقاومة الشعبية تضرب أعظم الأمثال، والآن المقاومة فى فلسطين وعلى مدار 75 عاما هى القوة الحقيقية التى توقف مطامع إسرائيل ومخططها الاستعمارى التوسعى للتمدد بخريطتها من المحيط إلى الخليج والتى لا يوجد لها حدود.
يخطئ من يظن أن إسرائيل سوف تلتزم بأى سلام مع أى دولة من دول الجوار، إن وجدت لديها القوة للقيام باعتداءاتها وإلا لما قامت فى 1956 بالهجوم على مصر فى قضية لا ناقة لها فيها ولا جمل حيث كان سبب العدوان هو تأميم مصر لقناة السويس لاستعادتها من الاستعمارين الفرنسى والإنجليزى.
إنها إسرائيل الكيان الصهيونى الذى يشبه دراكولا يتغذى ولا يشبع إلا بدماء العرب والمسلمين، فهو الكيان الذى استأصلته الدول الأوروبية من داخلها لتثبته فى قلب الأمة العربية مستغلة تطلعاته العقائدية المشوهة التى تستهدف الحصول على وطن عنصرى لهم.
ولم يكتفوا بابتلاع 85% من أرض فلسطين ولن يكفيهم الـ 15% الباقية ولكن يتطلعون إلى أراضى الأمة العربية كلها ولو استطاعوا لواصلوا احتلالهم للعالم كله، ألم تقل قياداتهم فى الحرب يجوز قتل الأطفال والنساء بلا رحمة.. هذه هى عقيدتهم المشوهة.
وفى الإسلام يأتى عمر بن الخطاب رضى الله عنه وهو على أبواب بيت المقدس ليقول فى عهدته العمرية لا تقتلوا طفلا ولا امرأة ولا شيخا ولا تقطعوا شجرة.
ورغم ما يحدث على أرض فلسطين من إبادة شاملة لشعبها أطفال ونساء وشيوخ من جانب إسرائيل وعلى الجانب الآخر مقاومة باسلة لا تخشى فى الله لومة لائم تدافع عن الأرض والعرض والدين… هل بعد كل ذلك يوجد مبرر لدى بعض الإعلاميين العرب لأن يوجهوا ثمة انتقاد للمقاومة الفلسطينية؟.
يا ويل العالم وليس العرب فقط إن استطاع الكيان الصهيونى القضاء على المقاومة الفلسطينية التى أرى أنها تدافع عن مقدسات العرب والمسلمين بل وعن أراضيهم جميعًا.
اقرا ايضا