 (1).jpg)
أسامة داود يكتب: وزير الصحة يعاقب المرضى والأطباء بقرار عجيب

>> صرف صنف دواء واحد فقط للمترددين على المنشآت الصحية ينتهك الدستور والقانون
>> فرمان عبدالغفار قد يتسبب فى موت الآلاف من المرضى الغلابة
>> قرارك الغريب بعيد كل البعد عن الاهتمام بصحة الشعب المصرى والتى هى مسئوليتك
>> أثبت أنك تملك بين أضلاعك قلبًا صلدًا صلبًا وأنك فى خصومة مع الإنسانية
>> عفوًا صاحب المعالى لقد أثبت بقرارك أنك لم تدرس الطب ولو من الأبواب الخلفية
>> لم نجد مستشفى واحدًا دخل الخدمة للعلاج المجانى منذ ما يقرب من عشرون عاما.
>> اللجنة العليا للدواء أصبحت كل مهمتها رفض صرف العلاجات التى يحتاجها المرضى وبتعليمات من مرؤسيك.
>> لا تتعلل بأن الموارد شحيحة واسأل إسماعيل سلام الذى أنشأ عشرات المستشفيات دون أن تتحمل خزانة الدولة جنيهًا واحدًا
عفوًا سيدى المواطن المصرى البسيط المريض، لن يسمح لك بعد اليوم بأكثر من نوع واحد من الدواء حتى ولو تطلبت حالتك عددًا أكثر من الأدوية.
ليس هذا مجرد مزاح ولكنه قرار من المسئول الأول عن صحة المصريين الدكتور خالد عبدالغفار وزير الصحة والسكان، ويحمل رقم 93 لسنة 2024 ينص حرفيًا على الآتى:
يقتصر صرف العلاج للمترددين على العيادات الخارجية الصباحية بالمنشآت الصحية التابعة لوحدات الإدارة المحلية على صنف واحد مجانى من قائمة الأدوية الأساسية لعلاج الحالة، على أن تتولى الإدارة المختصة بالشئون الصيدلية بوزارة الصحة والسكان إصدار قائمة بتلك الأدوية يتم تحديثها بصفة دورية بما يراعى المستجدات ومعدلات الإتاحة للأصناف.
هذا القرار يخالف الدستور والقانون وقد يتسبب فى موت الآلاف من المرضى الغلابة وهو بمثابة طعنات لكل مريض فقير لأن تلك الوحدات لا يتردد عليها إلا الفقراء الذين يصعب عليهم الذهاب إلى عيادات أطباء يتجاوز كشف الواحد منهم الألف والألفى جنيه.
نعم القرار موجه لفقراء مصر من المرضى أصحاب الأوجاع وهنا هل يكون حتى فى مقدور المريض المصاب بمرض يتطلب عدة أصناف من الدواء أن يختار من بينها؟ وهل يمكن لهذا الصنف أن يحقق فاعلية فى مواجهة وجع المريض؟ وهل يرتبط هذا الصنف بما يتوافر لدى الوحدات الصحية؟ بمعنى لو مصاب بمغص ولم يكن يتوافر سوى الإسبرين ماذا يفعل الطبيب هل يمنح المريض الإسبرين باعتباره الصنف المتوافر بصرف النظر عن مدى فاعليته مع نوع المرض؟
القرار يتضمن أيضًا أن يتم مراجعة تلك الأدوية التى يسمح بتداولها داخل الوحدات بما لا يتجاوز صرف أكثر من صنف واحد من الدواء ومعدلات الإتاحة أى توافرها.. وهنا يأتى السؤال إذا لم تتوافر الأصناف الفعالة، هل يتم توفير المتاح حتى ولو لم يكن له فاعلية فى مواجهة الأمراض؟
الحقيقة أن القرار يمثل عقوبة قرر الوزير فرضها على المرضى والأطباء مرة واحدة، عقوبة المريض أنه خارج تفكير واهتمام الوزير وبالتالى فليس لصحته وأوجاعه أى أهمية.. بينما عقوبة الطبيب هى أن يتجرد من إنسانيته وأن ينزع من قلبه الرحمة متقبلاً الانصياع وتنفيذ قرار الوزير فيصبح مثل الجلاد الذى يمارس عمله بتنفيذ عقوبات الجلد أو الإعدام تجاه الصادر ضدهم أحكام وعليه أن يعيش، بل الأمر يتجاوز ذلك لأن الطبيب الذى يحدد صنفًا واحدًا من العقاقير التى يحتاجها مريضه، يخضع لعملية قهر يصعب تحملها وبالتالى فمن الأشرف له أن يترك هذا العمل إلى عمل آخر.
عفوًا معالى وزير الصحة: لقد أثبت بقرارك أنك لم تدرس الطب ولو من الأبواب الخلفية وأنك تملك بين أضلاعك قلبا صلدا صلبا واثبت بالدليل القاطع أنك فى خصومة مع الإنسانية وأنك تملك نفسًا غادرتها الرحمة والرأفة تجاه مرضى بسطاء تتعدد أوجاعهم وتسكن الحسرة نفوسهم كل ذنبهم أن فقرهم جعلهم فى مرمى مسئول على قدرك، قرر مخالفة الدستور والقانون بنزع رداء العلاج وهو من بديهيات وأولويات حقوقهم، وقرارك هذا يمثل جريمة تستحق المساءلة والمحاسبة وخضوعك للمحاكمة.
عفوًا سعادة الوزير لم تتول هذا المنصب لتكون جلادًا ولكن عليك أن تكون إنسانًا.. أدعوك سيدى الوزير أن تطالع فى مدخل مكتبك الفخم لائحة تحمل صورًا وأسماء وتواريخ من سبقوك إلى هذا الموقع وهم 47 وزيرًا للصحة فى تاريخ مصر بداية من عام 1934.
عليك أن تقرأ فى سيرة العديد من هؤلاء وأنت تجلس فى مقعد من سبقوك إليه لتقدره حق قدره ولتكن بقدرهم.. أتدرى يا صاحب المعالى من جلس على مقعدك من قبل؟ جلس مصطفى النحاس باشا رئيس وزراء مصر الرجل الذى أطلق فى وزارته طه حسين قولته الشهيرة "التعليم كالماء والهواء" وحدث بالفعل مجانية التعليم الأساسى.. وجلس هنا النبوى المهندس أستاذ ومخطط صحة مصر ونعيش حتى اليوم على بقايا فكره وخططه التى نفذها باحترافية وأمانة وإخلاص.
أريد أن أطلعك على ما لم تعرفه عن هذا الرجل الذى يحمل رقم 24 فى قائمة وزراء صحة مصر وتعرف لماذا بقى النبوى المهندس حيًا فى قلوب المصريين يتدفق عليه نهر من الحسنات عن أعمال كلها عظيمة مازالت هى ما نفتخر به فى مجال الصحة حتى يومنا هذا، وستبقى تلك الأعمال إلى ما شاء الله رغم أنه رحل عن دنيانا فى عام 1968 أى منذ 56 عامًا.
لقد تولى النبوى المهندس وزارة صحة مصر فى ظروف صعبة وقاسية ولم يكن فى مصر صحة بالمعنى المطلوب، كان حلاق الصحة هو طبيب الريف فى معظم قرى ونجوع مصر قبلى وبحرى.
فى هذه الظروف ولكون هذا الرجل يحمل قلب إنسان وضميرًا حيًا فقد بدأ خطته بإنشاء الوحدات الصحية التى تخللت كشعاع الشمس مكامن ظلام الجهل والفقر ليصل عددها فى سنوات قليلة الى 1700 وحدة صحية منتشرة فى كل قرى ونجوع وكفور مصر، بينما لم نجد مستشفى واحدًا دخل الخدمة للعلاج المجانى منذ ربع قرن بإعتبار من تولوا ملف الصحة فى تلك الحقبة على شاكلة معاليك وان كنت التمس لبعضهم العذر.
ألم تعلم يا معالى الوزير أن النبوى المهندس هو من أنشأ المستشفيات المركزية والعامة وهيئة التأمين الصحى وأنشأ 5 مصانع للدواء لتوفير احتياجات المصريين والمرضى من العلاج فى الوحدات الصحية والمستشفيات التى زرعها فى كفور ونجوع وقرى مصر.. على جسور الترع وفوهات المصارف وحلت بعضها محل البرك والمستنقعات والتى مثلت الزورق الذى انتشل صحة المصريين من الضياع.
النبوى المهندس وزير الصحة الاسبق
ألا تعرف يا معالى الوزير أن النبوى المهندس هو من نفذ خطة تأميم مصانع الدواء الأجنبية فى مصر عندما رفضت تدبير احتياجات مصر من الدواء عقابًا لها على تآمرها السابق مع خطة الاستعمار بعد 1956 بمنع توفير الدواء للمصريين.
ألا تعلم أنه هو من أنشأ مراكز بحثية نتباهى بها فى كل أنحاء العالم ومنها معهد شلل الأطفال ومعهد السمع والكلام ومعهد القلب القومى والمعهد القومى للأورام وهيئة الإسعاف والمصل واللقاح, وغيرها من إنجازات يصعب حصرها وجعل الدواء حق لكل مريض.. لقد فعل النبوى المهندس كل ذلك فى ٧ سنوات فقط.
تأتى اليوم وبعد ما يقرب من ستة عقود وتريد ان تعود بصحة مصر إلى العصور الوسطى وكأنها مهمتك الأساسية؟
أدعوك أن تتعلق عيناك بلوحة الشرف التى يقطنها أكثر من 47 وزيرًا للصحة أعلم أنها فى مرمى بصرك، ولكن العين لا ترى إلا ما يعرفه العقل، وعقلك لا يستطيع أن يصعد إلى رموز كان واجبك أن تقرأ عنهم لتعرف فى أى موقع أنت تجلس.
إنك تجلس فى مقعد إسماعيل سلام الذى امتدت يده إلى دروب القرى والنجوع فى أعماق الصعيد ليعلّم المرأة التى لا تعرف القراءة والكتابة كيف تتعامل مع كل ما يتعلق بحياتها بداية من الزواج والحمل والوضع والتربية.. أتحدث عن رجل قرر أن يفتح العلاج لكل مريض فى الوحدات الصحية ومستشفيات التكامل التى ألغيت من وزير كان فى قدرك أنت وأعاد الحياة للمستشفيات المركزية وتحول معهد ناصر على يديه إلى مدينة طبية.
أتحدث عن رجل أنشأ 10 مراكز لجراحات القلب و7 مراكز لعلاج الأورام انتشرت فى ربوع مصر من أسوان إلى الإسكندرية ومطروح.
فماذا فعلت أنت؟ أقول لك وعبر واقع نطالعه صباحًا ومساءً اكتظت المستشفيات بالمرضى المتراصين انتظارًا لسرير يتلقون عليه العلاج بعدما تراجعت القدرة الاستيعابية بالمستشفيات العامة والمعاهد التعليمية وأصبحت قوائم الانتظار تمتد لشهور بل لسنوات ويصل الموت للعديد من المرضى قبل أن يصلوا لدورهم فى الحصول على الخدمة العلاجية فى العمليات الجراحية.
أطلعك على الواقع المرير للتأمين الصحى.. حيث يمتلك التأمين لجنة تم تأسيسها تحت اسم اللجنة العليا للدواء.. كل مهمتها رفض صرف العلاجات التى يحتاجها المرضى وتقررها اللجان الطبية التى شكلها أيضًا التأمين الصحى لعلاج المرضى.. نعم يا وزير الصحة.. اللجان التى تفحص المرضى وتشخص وتقرر العلاج لهم يتم مراجعتها من لجنة عليا ترفض دون أن تفحص، وحتى ولو صدرت أحكام قضائية للمرضى بأحقيتهم فى الدواء يتم تجاهله لذلك أطلقت أنا عليها لجنة " لا "
لكن أتعجب من أن مهمتك كوزير للصحة بعيدة كل البعد عن الاهتمام بصحة الشعب المصرى والتى هى مسئوليتك أنت لا أحد غيرك.
لا تتعلل بأن الموارد شحيحة، واسأل إسماعيل سلام الذى أنشأ عشرات المستشفيات دون أن تتحمل خزانة الدولة جنيها واحدًا، بل جاء معظمها عبر إعانات كانت تتدفق عليه بعدما تأكدت منظمة الصحة العالمية وشاركت وزارة الصحة الأمريكية فى تسهيل تدفق موارد عبر جهات تمويل عالمية لصالح قطاع الصحة بعدما اكتشفوا وزيرًا نشطًا يعمل ليس عبر بيانات صحفية عن إنجازات وهمية من داخل المكاتب الفارهة بل من الأزقة والحوارى من دروب النجوع والكفور فى مجاهل الريف جنوب وشمال مصر؟
د اسماعيل سلام وزير الصحة الأسبق
لقد قال لى إسماعيل سلام وهو حى يرزق أمد الله فى عمره ومتعه بالصحة إنه كان يستقل سيارته من أسوان متنقلاً بين قرى وكفور ونجوع الصعيد بداية من اسوان وحتى الجيزة رحلة تستغرق ايام يمر خلالها على المستشفيات والوحدات الصحية بشكل مفاجئ... ويقول الرجل إن معاناتى كانت أثناء نومى حيث كانت السيارة حجرة نوم متنقلة وسريرى هو الكرسى فكنت إذا ما ألقيت رأسى للخلف أكاد أبلع لسانى وإن تدليت بعنقى تعرض اللسان لعض الأسنان.
وقال لى أيضًا: فى مستشفى بالأقصر أثناء دخوله لم يكن يتواجد الطبيب النوبتجى ووجد التمريض يهرول تجاه سيدة مريضة تكاد تلفظ أنفاسها فخلع الجاكت وانكفأ عليها ليشفط لها البلغم من صدرها حتى أفاقت ليكتشف فى اليوم الثانى أن صورته وهو فى نفس الوضع تتصدر غلاف صحيفة يابانية و أكبر الصحف توزيعا فى العالم . تحت عنوان (وزير صحة مصر ينقذ مريضة من الموت ) ومن النادر أن يشغل غلافها إلا زعماء العالم ومشاهيره حيث التقطتها صحفية سائحة تصادف وجودها بالمستشفى فى تلك اللحظات.
هذا هو إسماعيل سلام ومن قبله النبوى المهندس وزيرا الفقراء.
لم أقصد تعنيفك معالى الدكتور خالد عبدالغفار وزير الصحة والسكان، ولكن أريد أن أذكّرك أنك مسئول أمام الله عن صحة كل مواطن يعيش على أرض مصر.. وسوف تسأل عن قرارك وهو عار يجب أن تتنصل منه وأن تفر منه كالفرار من الجزام.
اقرأ ايضا
أسامة داود يحذر : رواء منصور .. لن تكون آخر ضحايا لجنة " لا "
أسامة داود يكتب عن : لجنة "لا" فى التأمين الصحى
أسامة داود يرصد : 4 مشاهد من مأساة "البحث عن سرير رعاية"
أسامة داود يروى بالوقائع : 3 ساعات فى مستشفي "الغلابة" ( 2 )