أخبار عاجلةثابتسلايدرملفات وتقارير

مذكرات قنديل : لماذا استعان عبد الناصر بالشركات الأمريكية لاستكشاف البترول؟ ( 3 )

16 سبتمبر 2023 | بتوقيت 8:00 صباحًا

ماهى النبؤة التى أثارت استهجان كل قيادات البترول فى منتصف الستينات ؟

سر إفلات حقل “المرجان” من سيطرة إسرائيل على كل حقول البترول بسيناء

ما هو الاقتراح الذى رفضت كل قيادات البترول طرحه على عبد الناصر خوفًا من غضبه ؟

تواصل “طاقة نيوز” نشر كتاب الكاتب الصحفى أسامة داود عضو مجلس نقابة الصحفيين الأسبق ، بعنوان : عبد الهادى قنديل .. حكايتى مع مبارك ورجال ناصر والسادات.. أسرار تنشر لأول مرة ، والذى ستصدر طبعته الرابعة قريبا ، ضمن سلسلة حوارات أجراها داود عام 2017 مع الرجل الذى تولى منصب وزير البترول – فى زمن مبارك لمدة 7 سنوات من عام 1985 حتى عام 1992 – وكانت بمثابة مذكرات ووقائع لم تُنشَر من قبل.
والى تفاصيل الحلقة الثالثة والتى يواصل فيها قنديل كشف مزيد من الأسرار عن مرحلة نكسة يونيو ودور حقول البترول فى إنقاذ مصر :

يقول «قنديل» : «وسط ظلمة الهزيمة وانتزاع العدو لحقول سيناء، كانت سفن نقل البترول الأجنبية قد غادرت مصر، وانهار كل شىء، لكن كان هناك الأمل دائمًا فى الله، وكانت إرادته أن يحفظ مصر؛ ليتأكد لنا أنها بلد مقدس.. ووسط كل هذه الصدمات والأزمات والكوارث كان قطاع البترول قد افتتح شركة «جابكو» قبل الحرب بأيام؛ لنبدأ فى انتاج البترول من حقل المرجان، والفضل بعد الله يرجع للمهندس «أحمد كامل البدرى»، رئيس المؤسسة العامة للبترول يومئذٍ، ولسببين.. الأول أن البدرى هو الذى أقنع جمال عبد الناصر بالاستعانة بالشركات الأمريكية المتخصصة فى البحث والكشف عن البترول بالعمل فى مصر.

وكان اقتراح البدرى الذى تقدم به للرئيس جمال عبد الناصر للسماح للشركات الأمريكية بالبحث والاستكشاف عن البترول بسبب تقدمها فى هذا المجال خاصة فى الطبقات الجيولوجية تحت قاع البحر عن باقى الشركات العالمية.

وكان البدرى يشغل موقع رئيس المؤسسة العامة للبترول، وكانت كل قيادات البترول، بمن فيهم وزير الصناعة والذى كان يدير ملف البترول، قد رفضوا أن يتقدموا بطرح مثل هذا الاقتراح على ناصر خوفًا من غضبه، خاصة وأن الولايات المتحدة الأمريكية كانت على رأس قائمة الأعداء بالنسبة له ولمصر.. فكيف يمكن لأحد أولئك القياديين أن يقدم على أن يطلب من عبد الناصر السماح للشركات الأمريكية بالقيام بعمليات البحث والتنقيب عن البترول فى مصر؟

لكن أحمد كامل البدرى كان يملك من الشجاعة ما دفعه لذلك؛ حرصًا على مصلحة الدولة، وكان رد عبد الناصرعليه: أنتم مسئولون عن هذا القطاع، فافعلوا كل ما هو فى صالح الوطن، بشرط أن يكون هناك أكثر من شركة؛ حتى لا يحدث الاحتكار، ومن بين الشركات كانت “أموكو” فى الصحراء الشرقية وخليج السويس و”فيليبس” فى الصحراء الغربية.

 

فى يوليو 1965 اكتشفت الشركة الأمريكية أول حقل بحرى للبترول، ويبعد عن سيناء 8 كيلومترات وعن رأس شقير38 كيلومترًا، وهو حقل المرجان.

أما السبب الثانى فيرجع الفضل بعد الله سبحانه وتعالى للبدرى فى إنقاذ مصر، فقد أصر على أن يضخ حقل المرجان إنتاجه من البترول إلى منطقة راس شقير بدلاً من سيناء؛ لتمتد خطوط نقل الخام من الحقل ولمسافة 38 كيلو مترًا، بينما المسافة بين الحقل وسيناء لا تزيد على 8 كيلو مترات فقط.

كانت كل الآراء تعارض أحمد كامل البدري فى قراره، كما يروى «قنديل»، لكنه أصر على ذلك.. ولو نظرنا إلى هذا الموضوع بالمنطق، لكان من الأفضل والأيسر إقامة التسهيلات فى سيناء، وأقصد بالتسهيلات مد خط نقل البترول الخام من باطن الأرض عبر قاع البحر إلى سيناء.. ولو حدث ذلك لكانت إسرائيل هى المستفيدة به بعد احتلالها للأرض.. ويرجع قنديل ذلك إلى أن «المهندس البدرى كان أميرالاى بالجيش المصرى، وكان ممن درسوا الاستراتيجيات، فتكونت لديه رؤية تتوافق مع الحكمة القائلة: لا تضع البيض كله فى سلة واحدة».

وتثير هذه الواقعة أو النبوءة العديد من التساؤلات: كيف لشخص مهما كانت مكانته أن يصر على أن تتحمل الشركة الأجنبية 4 أضعاف ما يجب أن تتحمله من تكاليف فى مد خطوط لنقل البترول؟ وكيف قبلت الشركة بهذا الاقتراح، علمًا بأن قيادات قطاع البترول أنفسهم لم يكونوا مقتنعين بهذا الرأى؟ هل هى نبوءة وضعها الله فى قلب وجوارح أحمد كامل البدرى لينطق بها لسانه؛ حتى يحفظ الله بهذا الحقل مصر من مجاعة بترولية؟!
أثار هذا الرأى استهجان الجميع بمن فيهم قيادات بترولية مصرية؛ لأنه رأىٌ يخالف المنطق، ولكنه كان هو السبب الذى جعل حقل “المرجان” يفلت من سيطرة إسرائيل بعد احتلالها لسيناء واستيلائها على كل حقول البترول بها.
كان إصرار البدرى الذى رضخت له الشركة الأمريكية وقبلته على مضض فى يوليو 1965 ليبدأ على الفور تأسيس شركة مشتركة بينها وبين مؤسسة البترول المصرية.

تأسيس شركة جابكو

كانت الاتفاقية تنص على (نظام عقد المشاركة) بأن تمنح الحكومة المصرية امتيازًا لبعض الشركات الأجنبية المتخصصة للبحث عن البترول والغاز فى مناطق محددة، شريطة أن تنفق هذه الشركات مبلغًا محددًا فى فترة التعاقد، وأن تستخدم تكنولوجيا متطورة أثناء عمليات البحث. وإذا ما نجحت فى التوصل إلى كشف للزيت بشكل اقتصادى، تبدأ فى عقد اتفاقية مع الحكومة المصرية ممثلة فى مؤسسة البترول (الهيئة المصرية العامة للبترول) تتكون بموجبها شركة قائمة بأعمال البحث والإنتاج والتنمية نيابة عن الشريكين.. ومن هنا نعرف كيف تكونت ونشأت شركة جابكو.

تقرر تطبيق البند الثانى فى الاتفاقية، وهو تأسيس كيان مشترك بين مؤسسة البترول وبان أمريكان؛ لتتولى نيابة عن الشريكين إدارة عمليات البحث والاستكشاف والإنتاج والتنمية فى المناطق التى حددتها اتفاقية الامتياز، وما يستجد من مناطق امتياز تخصص للشريك الأجنبى، وتم الاتفاق على إعلان تأسيس شركة تحت اسم بترول خليج السويس “جابكو”. من هنا كانت الانطلاقة الأولى لتأسيس شركة بترول خليج السويس (جابكو) بعد تحقيق أول كشف اقتصادى من الزيت الخام فى منطقة المرجان والذى أصبح فيما بعد من أكبر الحقول المصرية فى احتياطياته وإنتاجه.
تم توقيع عقد التأسيس فى 31 يوليو 1965، لتكون جابكو هى الشركة الرائدة فى الاتفاقيات الأجنبية والأطول عمرًا والأكثر خبرة والأعلى إنتاجًا.. حيث وصل إنتاجها فى الثمانينيات إلى 600 ألف برميل يوميًّا تمثل 60% من إنتاج مصر من الزيت الخام فى ذلك الوقت و100% من إنتاج مصر حاليًّا.

إقرأ فى الحلقة 3

حكاية حقل المرجان الأغرب فى تاريخ البترول المصرى
أفلت من قبضة العدو الإسرائيلى بالعناية الإلهية .. والجيش وضع خطة سرية لتأمينه أثناء حرب أكتوبر
حقل العلمين.. شمعة فى ظلام النكسة

طاقة نيوز تنشر كتاب حكايتى مع مبارك ورجال ناصر والسادات ( 1 )

مذكرات قنديل .. غضب عبد الناصر.. ومطلب السادات .. وحقل البترول الذى أنقذ مصر ( 2 )

 

زر الذهاب إلى الأعلى