>> على أى أساس يتم تقييم إيثيدكو بنسبة لا تتجاوز 50% من تكاليف تأسيسها
>> إيلاب تحقق أكثر من 120% من طاقتها التصميمية و40 مليون دولار صافى ربح سنويًا
>> نسبة كبيرة من إنتاج تلك الشركات يوجه للتصدير لتوفير العملة الصعبة للخزانة العامة
>> تلعب دورًا فى تأمين البتروكيماويات وإنتاجها يدخل فى مئات الصناعات كثيفة استخدام العمالة
>> هل شارك الجهاز المركزى للمحاسبات فى عمليات التقييم؟ ومن المسئول عنها؟
>> ضخت استثمارات بـ551 مليون دولار فى إيلاب وتم تقييمها بـ430 مليون دولار
>> نظرية تمصير الحفر المصرية تبخرت أمام مهرجان بيع الشركات الرابحة ولم يعد لها أهمية استراتيجية
>> تراجع مساهمة الشركات أو البنوك فى استثماراتها يفقد الخزانة جزءًا عائد استثمار العملات الأجنبية
>> هل تتحول مصر إلى فناء خلفى لشركات أجنبية؟
شركات يجرى بيع نسبة رئيسية منها تصل إلى 35% بمبلغ 129 مليون دولار بناء على التقييم الذى لا يعرف أحد كيف تم؟ وعلى أى أساس يتم التقييم لشركات ناجحة بقيمة بخسة؟.. بينما لو أردنا إنشاء مشروعات مماثلة لها الآن يتطلب ضخ استثمارات توازى 3 أضعاف استثماراتها الأساسية.
كيف تم التقييم؟ ومن قام به؟ وعلى أى أساس تم ذلك؟ ولصالح من؟ وما هو دور الجهاز المركزى للمحاسبات؟ وهل شارك فى عمليات التقييم أم لا؟ ومن المسئول عن كل تلك التقييمات لشركات تذبح على غير الشريعة.
على طريقة الشوطة أو الفرة يتم التخلص من الشركات الرابحة عالية التصنيف والتى تخدم الاقتصاد القومى بدورها الحيوى فى التصنيع من خلال إنتاجها الذى يوجه نسبة كبيرة منه للتصدير وهو ما يجلب العملة الصعبة للخزانة العامة، بالإضافة إلى تأمين احتياجات الصناعات البلاستيكية التى تمثل المرحلة الثالثة من صناعة البتروكيماويات ويصل عددها لو تم الاعتناء بها إلى مئات الصناعات كثيفة استخدام العمالة، إضافة إلى دورها فى تقليل الواردات لحقن نزيف الدولار.. وكذلك توفير منتج اللاب وهو الخامة الأساسية لصناعة المنظفات والتى يتم تصنيعها عبر شركة ايلاب، وتوجه جميعها للتصدير باستثناء جزء منها للسوق المحلى لتغطية احتياجات صناعة المنظفات، والتى كان يتم استيرادها من الخارج، إضافة إلى شركة الحفر المصرية التى تلعب دورًا مهمًا فى الأمن القومى المصرى، نظرًا لطبيعة عملها فى المياه الإقليمية بالنسبة لحفر وتنمية الآبار وهى بمثابة الدور الذى يؤديه جندى حرس الحدود.
عمليات البيع جاءت عبر تقييمات متدنية وبإصرار ربما يخجل المشترون أنفسهم من إقراره، وكأن هناك هدفًا لمتخذ القرار وهو تخليص الاقتصاد المصرى من كل دعائمه الحيوية وجميع وسائل النجاح الموجودة فيه.
والسؤال: هل تتحول الكيانات الاستثمارية القائمة في مصر إلى واحة لغير المصريين أو فناء خلفى لاستثمارات شركات النفط الأجنبية والتى تلتهم استثمارات قائمة وناجحة وعلى طريقة التفريط فى لحم الحى.. ولم تقم بإنشاء استثمارات جديدة حتى تمثل إضافة للاقتصاد القومى.
الشركة المصرية لإنتاج الإيثيلين والبولى إيثيلين (إيثيدكو) تلك الشركة اليافعة التى تمثل درة قطاع البتروكيماويات، تضخ مع كل صباح فى شرايين الدولة ملايين الدولارات ممثلة فى مبيعات تتجاوز 550 مليون دولار سنويًا، يعاد تدويرها فى شرايين الشركة كاستثمارات بخلاف الضرائب والأجور والرسوم وكل ما يمثل تحريكًا لعجلة الاقتصاد المصرى وتوفر أكثر من 360 ألف طن من البولى إيثيلين عبر مصانعها الحديثة المتقدمة تكنولوجيًا، فتفتح لها الأسواق العالمية أبوابها لأهميتها، ولكونها تمثل الخام الأساسى لمئات الصناعات، وتغذى أيضًا احتياجات السوق المحلى ربما بأسعار تتجاوز قيمتها الدولارية.
هذه الشركة تم تقييمها بنسبة لا تتجاوز 50% من تكاليف تأسيسها، والتى بدأت فى 2011 حيث تم تقييم شركة إيثيدكو بمبلغ مليار و80 مليون دولار، بينما كانت الاستثمارات التى تم ضخها فيها وقت التأسيس فى عام 2011 قد بلغت مليارًا و900 مليون دولار، أى تم التقييم بنسبة 50% من استثمارات تأسيسها. كيف يحدث ذلك ولصالح من؟
ليست إيثيدكو فقط، ولكن إيلاب الشركة المتميزة و التى تحقق أكثر من 120% من طاقتها التصميمية المحددة بـ100 ألف طن من منتج الألكيل بنزين (اللاب) و هذا المنتج هو الخامة التى تمثل مدخلات صناعة المنظفات فى العالم.. أى بزيادة 20% من طاقتها التصميمية سنويا، وتشير التوقعات إلى أن الشركة تحقق صافى أرباح تصل إلى 40 مليون دولار سنويا.. بخلاف نفقاتها من ضرائب وتشغيل عمالة... بخلاف ما ينفق ليدور من جديد فى شرايين الشركة من استثمارات.
لكن ما يثير الدهشة أن شركة بهذه الصفات يتم تقييمها بهدف البيع لمستثمر أجنبى بمبلغ 430 مليون دولار، وفى الوقت الذى أنفقت الدولة المصرية استثمارات فيها تصل إلى 551 مليون دولار وقت التأسيس فى عام 2004 وهو ما يعنى أن تقييم الشركة بعد 20 عاما من بدء تأسيسها حاليا تم بنسبة 78% من استثماراتها وقت التأسيس ...
التقييم غير العادل تجاهل حركة التضخم على عقدين من الزمان وقدرة الشركة الإنتاجية التى تتجاوز طاقتها التصميمية بنسبة 20% .. كما يتجاهل تأكيدات خبراء الاقتصاد إن تأسيس مثل تلك الشركة الآن يتطلب أكثر من مليار ونصف المليار دولار أى ثلاثة أضعاف استثماراتها منذ 20 عام، هذا بخلاف وجود أراضى جديدة تم ضمها للشركة عن طريق الشراء قيمتها تتجاوز 8.5 مليون دولار تعادل 25% من مساحة ايلاب حاليا لانشاء توسعات مستقبلية.. لكن المثير للعجب أن تتم عملية التقييم لهذا الكيان المنتج بطاقة تزيد على طاقته التصميمية بأكثر من 20% سنويًا، بمبلغ 430 مليون دولار أى بنسبة 78% من استثماراتها وقت التأسيس.
خطورة التخلص من نسبة رئيسية من هذه الشركات وبما يتراوح بين 30% من ايثيدكو و35% من ايلاب تكمن فى أن تراجع مساهمة الدولة المصرية ممثلة فى البنوك العامة أو شركاتها فى استثمارات تلك الشركات سوف يُفقد الخزانة العامة جزءًا من العائد على الاستثمار من العملات الأجنبية، وبلغة الاقتصاديين تعنى الانسحاب من كل مصادر الدخل الدولارى .. خاصة وأن الانسحاب من الشركات التى تنتج وبكفاءة عالية مثل ايثيدكو وإيلاب يجب أن يكون بتقييم عادل وان تتحرك تلك الاموال لصالح تأسيس شركات جديدة فى صناعات لها أهميتها بالنسبة للسوق المحلى و بهدف التصدير أيضا.
مهرجان البيع لشركات صناعية تمثل أعمدة للاقتصاد القومى وعبر تقييمات متدنية تتم بسرعة لصالح مستثمر أجنبى.. لماذا وما الهدف من ذلك؟
ومن شركتى ايثيدكو وإيلاب يتم حاليًا بيع نسبة تقارب ربع أسهم شركة الحفر المصرية.
والحفر المصرية أيضًا تمثل جزءًا من استراتيجية قطاع البترول بل من أهم شركات القطاع، وتنتشر أجهزة الحفر التابعة لها فى كل مناطق البحث والاستكشاف وإنتاج البترول فى مصر بجانب السعودية وليبيا والعراق.
كما تمتلك 75% من حفارات إنتاج البترول فى مصر، و25% من حفارات الصيانة، فى المملكة العربية السعودية بالإضافة إلى ليبيا والعراق، كما أن الشركة عندها ما يقرب من 100 منصة حفر فى عدد من دول العالم.
وكانت نتائج أعمالها فى عام 2021 بلغت حوالى 334 مليون دولار، وصافى الربح كان حوالى 66 مليون دولار تقريبًا.
وشركة الحفر المصرية هى الأقدم بين الشركات، وكان قد تم تأسيسها سنة 1976 بشراكة ما بين هيئة البترول وشركة (بى مولر ميرسك) الدنماركية، وفى ديسمبر 2017 اشترت الحكومة حصة ميرسك.
ووقتها اعتبرت وزارة البترول أن عملية الشراء تمت وفقًا لرغبة القطاع فى تمصير الشركة لتصبح مملوكة بنسبة 100% للدولة المصرية.. وقال المهندس طارق الملا وقتها فى تصريحاته إن تمصير الشركة هو قرار استراتيجى ومهم، وهو ما يطرح تساؤلاً: ما الذى حدث حتى يتم بيع جزء من الشركة لمستثمر رئيسى أجنبى وكأن نظرية التمصير كانت "شىء لزوم الشىء".
وكأنه مجرد اكتشاف مفاجئ من جانب الحكومة ما لبث أن تبخر.
الحلقة القادمة..
تفاصيل تقييم الصرح الاقتصادى" إيثيدكو" بتراب الفلوس.
usamadwd@yahoo.com