ثابتسلايدرملفات وتقارير

مذكرات قنديل .. الرئيس السادات طلب عز الدين هلال للقاء سرى وعاجل لهذا السبب ( الحلقة السادسة )

28 سبتمبر 2023 | بتوقيت 8:21 صباحًا

كتب:

قبل ساعات من حرب 1973 تلقيت مكالمة : «نشوفك بكرة» وكانت “كلمة السر”

كتبت خطط توفير الوقود لمصر كلها بخط يدى وحافظت على سريتها

حروب 56 و1967 والاستنزاف علمتنا التعامل مع أصعب المواقف

رمزى الليثى كان أكثر قيادات البترول معاناة وأدار معمل تكرير تحت القصف خلال النكسة

اتفقنا مع السعودية لتوفير 750 ألف طن من خام البترول وتعاقدنا مع ليبيا على مليون طن أخرى

تلقينا معلوماتٌ عن قيام إحدى الشركات الأجنبية بعمليات مشبوهة وعلمنا أن لديها وثيقة سرية بها معلومات خطيرة

«أحمد عز الدين هلال» كان أشبه برجل مخابرات وحصل من الشركة الأجنبية على الوثيقة السرية

هلال طلب منى نسخ الوثيقة السرية وإعادتها إلى مكانها دون أن يشعر أحد

 

تواصل “طاقة نيوز” نشر كتاب الكاتب الصحفى أسامة داود عضو مجلس نقابة الصحفيين الأسبق والذى ستصدر طبعته الرابعة قريبا ، بعنوان : عبد الهادى قنديل .. حكايتى مع مبارك ورجال ناصر والسادات.. أسرار تنشر لأول مرة ، ضمن سلسلة حوارات أجراها داود عام 2017 مع الرجل الذى تولى منصب وزير البترول – فى زمن مبارك لمدة 7 سنوات من عام 1985 حتى عام 1992 – وكانت بمثابة مذكرات ووقائع لم تُنشَر من قبل.

والى تفاصيل الحلقة السادسة والتى يكشف فيها «عبد الهادى قنديل» أسرار الأيام التى سبقت حرب أكتوبر وانه كان المسئول الوحيد عن قطاع البترول فى التجهيز لحرب 1973 ، كما يكشف لماذا طلب الرئيس السادات أحمد عز الدين هلال للقاء سرى وعاجل وماهى الوثيقة السرية التى استخدمتها إحدى الشركات الأجنبية فى القيام بعمليات مشبوهة ؟

وإلي تفاصيل الحلقة السادسة :

يقول قنديل : كان لى الشرف أننى كنت المسئول الوحيد التنفيذى عن قطاع البترول والتجهيز لحرب 1973 وأثناء المعركة. وكنت نائب رئيس الهيئة للعمليات، وما حدث أن الرئيس السادات فى آخر مارس 73 وتحديدًا بعد 3 أيام من تشكيل الوزارة، وكانت وزارة الحرب، طلب أحمد عز الدين هلال للقاء سرى وعاجل.

هكذا استهلَّ «عبد الهادى قنديل» الحديث عن قصته مع حرب 6 أكتوبر 1973، مضيفاً: «وبينما كنتُ فى مكتبى أجهِّز نفسى للذهاب إلى أكاديمية ناصر العسكرية؛ لاستكمال دراستى بها لمدة عام، اتصل بى «هلال»، وطلب منى إرجاء هذه الخطوة وانتظاره فى مكتبه، وعندما حضر، قال لى: إن السادات أكد أننا سوف ندخل الحرب فى خلال ستة أشهر من هذا العام.. وسأله: من تريد أن يعلم بموعد الحرب معك يا هلال؟ فأجابه: رئيس الهيئة الدكتور «رمزى الليثى»، ونائب العمليات «عبد الهادى قنديل»، ولكن «السادات» طلب منه اختيار شخص واحد، فأجابه: يبقى نائب العمليات؛ لأنه هو المختص بكل ما يتعلق بتوفير المنتجات البترولية. فوافق «السادات»، وطلب منه أن يجرى التنسيق مع اللواء «الجمسى»، رئيس هيئة العمليات فى ذلك الوقت».

<a href=
أحمد عز الدين هلال" width="770" height="513" srcset="https://taqanews.com/wp-content/uploads/2023/09/WhatsApp-Image-2023-09-24-at-4.00.31-PM.jpeg 770w, https://taqanews.com/wp-content/uploads/2023/09/WhatsApp-Image-2023-09-24-at-4.00.31-PM-300x200.jpeg 300w, https://taqanews.com/wp-content/uploads/2023/09/WhatsApp-Image-2023-09-24-at-4.00.31-PM-768x512.jpeg 768w" sizes="(max-width: 770px) 100vw, 770px" /> أحمد عز الدين هلال

ويستكمل «قنديل» قائلاً: «بالطبع أنا كنت أمتلك ميزة يعرفها عنى «أحمد عز الدين هلال»، وهى قدرتى على توظيف ملكاتى جيداً فى الصالح العام، فكنتُ أتوقع المناطق التى يأتى منها الخطر، ومن ثمَّ أستطيع سد كل الثغرات، وهى خبرة تراكمية اكتسبتها من الحروب؛ فحربا 56 و1967 وحرب الاستنزاف علمتنا التعامل مع أصعب المواقف وتحقيق نتائج.

ولأن الحروب هى التى تصنع صلابة الشعوب؛ فلم تكن أوروبا لتقف على أقدامها وتصبح كما هى الآن إلا نتيجة لما عانته فى الحروب.. فقد استطاع الألمان تصنيع البنزين الصناعى من الهواء؛ لأن العقل الذى منحه لنا الله هو الذى لديه القدرة على الإبداع».

ويتابع «قنديل»: «توصلتُ إلى طريقة آمنة لتخزين الخام. كنا قد اتفقنا مع السعودية على توفير 750 ألف طن من خام البترول، على أن يتم نقلها لنا من خلال البحر الأبيض المتوسط، وكان الاتفاق فى مايو عام 1973، بينما تحرك المهندس «أحمد عز الدين هلال»، وتعاقدنا مع ليبيا على مليون طن أخرى، على أن تأتى إلى الإسكندرية؛ لأننا كنا نعرف أن السويس سوف تكون مغلقة».

مضيفاً: « كنا نتولى استخدام البترول المنتج من حقول «رأس غارب» فى توليد الكهرباء، دون تكرير، بعدما توصلنا أيضًا لفكرة حفر حفرة كبيرة فى «رأس غارب»، وتجهيزها لمنع تسرب البترول منها، حيث يتم تجميع الخام فيها، ثم تركه لتتبخر المواد الخفيفة (البوتاجاز والنافتا)، ثم ننقله فى مراكب إلى السويس ومنها إلى مستودعات محطات الكهرباء؛ ليستخدم كوقود بدلاً من المازوت».

ساعة الصفر وكلمة السر
يواصل «عبد الهادى قنديل» سرد ذكرياته فى هذه الفترة قائلاً: «كنتُ أضع خطط الوقود لمصر كلها وبخط يدى، ولكن للأسف كانت كل تلك الأوراق فى «الشانون»، ولم يكن مسموحًا لنا بتصويرها أو نسخها أو اطِّلاع أحد عليها، وكلها فُقدت وقت انتقالنا من مبنى الهيئة القديم. كما كنتُ أنسخ بيدى كل الخطط التى يتم وضعها للتعامل مع كل المواقف أثناء الحرب. وكنتُ قد تدربتُ على ذلك جيدًا.

وفى هذا السياق أذكر موقفًا طريفًا، وهو أنه وصلت لنا معلوماتٌ عن قيام إحدى الشركات الأجنبية بعمليات مشبوهة، وعلمنا أن لديها وثيقة سرية بها معلومات خطيرة. وكان «أحمد عز الدين هلال» أشبه برجل المخابرات، ولديه مهارات فى القدرة على صناعة صداقة مع بعض الأشخاص والتسلل من خلالهم للحصول على ما يريد، واستطاع الحصول عبر هؤلاء من الشركة الأجنبية على الوثيقة السرية التى كانت تضم مئات الصفحات. وللمزيد من السرية طلب منى نسخها قبل إعادتها إلى مكانها دون أن يشعر أحد، وتمكنت من ذلك؛ لأننى كنتُ مُدرَّبًا جيدًا على ذلك».

ومع اقتراب ساعة الصفر، يقول «قنديل»: «قبل 48 ساعة من قيام حرب 1973 تلقيتُ مكالمة مُختصرة من «أحمد عز الدين هلال»، نصُّها هو: «نشوفك بكرة».

وكانت هى «كلمة السر»، التى سبق أن اتفقنا عليها، وكنتُ أتصرف بحذرٍ شديد، وبشكل طبيعى جدًّا، ولكن أضع حساباتى بدقة عن المخزون من المواد البترولية وتأمين المستودعات ومصادر وصول الخام وخطوط السير لأساطيل النقل وغيرها، دون أن يكون هناك شىء لافت للنظر».

ويكمل «قنديل»: «نفس الرسالة تلقيتُها يوم الجمعة: «نشوفك بكرة»، وكان بالميناء مركبٌ مرابطٌ لشحن بنزين للتصدير، فأبلغت ميناء الإسكندرية بإيقاف الشحن، وتعللت بأن الاعتماد الخاص بالشحنة غير مطابق للعقد. كان المركب يحمل 8 آلاف طن، وجلست أكتب بيدى للشركة المستوردة أننا أوقفنا الشحن، وأننا اضطررنا للاستيلاء عليه لظروف الحرب، ووضعتُ الخطاب فى ظرف، على أن يتم إرساله فى اليوم التالى «السبت»، ودخل شقيقى «أحمد» وكان رئيسًا للنيابة العسكرية ونائب المدعى العسكرى، فسألنى: ما الذى أتى بك للمكتب يوم الجمعة؟ فأجبته: فيه تحرش إسرائيلى فى البحر، وأنا بصراحة قلقت.

لكنى هممتُ بالانصراف، وطلبتُ منه توصيلى للمنزل بسيارته، وعندما وصلنا للمنزل تركتُه، وعدتُ مرة أخرى للهيئة، وبدأت إجراءات ترحيل الأرصدة الموجودة فى السويس للقاهرة. كان هناك مركب آخر تم شحنه بالبترول الخام من حقل «المرجان»، وكان متجهًا للسويس، فقمت بتحويل خط سيره إلى «بورسودان»، على أساس أن الشحنة فى طريقها للتصدير من الجنوب وفى انتظار التعليمات، وفى الساعة 11 من اليوم التالى، هاتفنى المهندس «رمزى الليثى» من الوزارة، وقال لى: انتظرنى، سأصل لك بعد ساعة. كان برفقتى «حليم مرقص» مدير عام التوزيع، ويعمل معى فى نيابة العمليات».

يتابع «قنديل»: «عندما وصل «الليثى» باغتنى بقوله: «هلال» يقول لى: إن العمليات العسكرية سوف تبدأ اليوم، إزاى؟! شعرت بأنه كمن ينتظر هذا اليوم بفارغ الصبر لرغبته فى الانتقام من إسرائيل!!

مضيفاً: «كان «رمزى الليثى» خلال نكسة 67 أكثر القيادات فى قطاع البترول التى عانت وعاشت تحت القصف وسط النيران، وكان رئيسًا لشركة «السويس» التى تعرضت للضرب المُكثف من العدو، وكان وضعه هناك مأساويًّا، وكان يعيد تشغيل المعمل فى ظل ظروف تتصف بالبشاعة، ويتحمل ما لا يتحمله بشر. فقلتُ له: نعم.. والحرب بعد دقائق. قال: كيف؟ ومن أخبرك؟ قلت: إن زوج أختى رئيس أركان سلاح النقل وهو رجل عسكرى، وشعرت منه بحاجة هتحصل اليوم. ولم أفصح له أو لأى أحد عن هذا السر حتى اليوم».

مضيفاً: «أدرتُ مؤشر الراديو؛ ليأتى البيان الأول ببدء العمليات العسكرية، ولم يعرف «رمزى الليثى» أننى كنت أعلم قبل ذلك الموعد بالحرب حتى توفاه الله، وقد احترمتُ هذا الرجل كثيرًا».

إقرأ فى الحلقة السابعة :
القذافي أصابه الجنون لأن «السادات» لم يُبلِغْه بموعد الحرب

الرئيس الليبى قام بسحب الطيران أثناء حرب 73
إن الملك «فيصل» أمر بتلبية كل احتياجاتكم

طاقة نيوز تنشر كتاب حكايتى مع مبارك ورجال ناصر والسادات ( 1 )

مذكرات قنديل .. غضب عبد الناصر.. ومطلب السادات .. وحقل البترول الذى أنقذ مصر ( 2 )

مذكرات قنديل : لماذا استعان عبد الناصر بالشركات الأمريكية لاستكشاف البترول؟ ( 3 )

مذكرات قنديل : العناية الإلهية أنقذت مصر من مجاعة بترولية فى 67 ( الحلقة الرابعة )

 

مذكرات قنديل : ماذا فعل العدو الإسرائيلى فى معامل التكرير ردأ على إغراق إيلات ؟ ( الحلقة الخامسة )

زر الذهاب إلى الأعلى