ثابتسلايدرمقالات

مذكرات قنديل : حكاية بناء أول حفار للتنقيب عن البترول فى مصر ( الحلقة الثانية عشر )

29 أكتوبر 2023 | بتوقيت 10:04 صباحًا

كتب:

>> اتهمونى بالعنف فى أسلوب إدارتى للوزارة ومن قبلها هيئة البترول

>> عزلت رئيس إحدى الشركات فورًا لأنه تسبب فى كارثة

>> مشكلة مصر الأزلية فى التريث مع الفاسدين وعدم اتخاذ قرار باستبعادهم فوراً

>> رئيس «بتروجت» كان يريد أن يعمل بمفرده ويرفض مشاركة أحد فى القرار

>> الرئيس مبارك سألنى: لماذا أقلت كمال حافظ؟ قلت: هو الذى استقال

>> كمال مصطفى كان بارعًا وانطلق ببتروجت فى التصنيع المحلى وحقق طفرات كبيرة

 

تواصل “طاقة نيوز” نشر كتاب الكاتب الصحفى أسامة داود عضو مجلس نقابة الصحفيين الأسبق والذى ستصدر طبعته الرابعة قريبا ، بعنوان : عبد الهادى قنديل .. حكايتى مع مبارك ورجال ناصر والسادات.. أسرار تنشر لأول مرة ، ضمن سلسلة حوارات أجراها داود عام 2017 مع الرجل الذى تولى منصب وزير البترول – فى زمن مبارك لمدة 7 سنوات من عام 1985 حتى عام 1992 – وكانت بمثابة مذكرات ووقائع لم تُنشَر من قبل.

والى تفاصيل الحلقة الثانية عشر والتى يروى فيها «عبد الهادى قنديل» حكاية بناء أول حفار للتنقيب عن البترول فى مصر وتأسيس بتروجت قائلاً:

لا يزال «قنديل» يُفصِّل القول فى أسلوب إدارته الذى قاده إلى النجاح فى حياته المهنية، فيقول: «لم أكن أتَّصف بالعنف فى أسلوب إدارتى للوزارة ومن قبلها هيئة البترول، كما يريد أن يروِّجَ البعض، وكنت أتعامل بروح الأب والمعلم مع العاملين فى القطاع، ولم أقم بفصل أحد من العمل طوال حياتى، سوى أحد رؤساء الشركات؛ لأنه خالف كل النظم المعمول بها فى قطاع البترول فى كل شىء.

حسني مبارك

وفى أحد المواقف كان هناك «عامل سويتش» يتنصت على المكالمات التليفونية، وأخبرتنى موظفة بذلك، وتأكدت بنفسى، فأحضرته ووقعت عليه الجزاء، وكان لا بد أن يكون القرار فوريًّا طالما توافرت المعلومات السليمة، فدفعت له قيمة الخصم، وأبقيت العقاب بملفه؛ حتى لا ينسى، كما عزلتُ رئيس إحدى الشركات فورًا، كان قد تسبب فى كارثة».

موضحًا: «فى إحدى زياراتى لموقع لشركة إنتاج بترول فى البحر الأحمر، كانت لى ملاحظتان، الأولى: وجدت الحمام غير نظيف، والثانية: وجدت أعقاب سجائر مدفونة بالرمل فى الموقع، وكان قرارى باستبعاده فورًا وإعادته إلى القاهرة معى على نفس الطائرة، وهذه كانت أكبر عقوبة، وبالتالى كانت قراراتى بالعقاب أو الثواب فورية طالما توافرت الأدلة على ذلك».

ويجزم «قنديل» بأن مشكلة مصر دائمًا فى التريث مع الفاسدين وعدم اتخاذ قرار باستبعادهم فورًا، فغالبًا عندما يخطئ وزير، يُترَك فى منصبه لحين حدوث تغيير وزارى، وبالتالى يمثل تركه أكبر عقاب للدولة.

يواصل «قنديل» شرح طريقته فى الإدارة قائلاً: «اقترحتُ على الوزير «أحمد عز الدين هلال» أن أضع نظامًا للمكافآت فى الهيئة وشركاتها؛ لأن دواليب العمل دائمًا ما يقوم بها عدد قليل، بينما يكون هناك تواكل من العديد من العاملين، فاقترحت وضع 3 مستويات للمكافآت الخاصة، وطبقًا لمستوى الأداء، وهى: 6 شهور من الراتب الأساسى عن كل سنة للمستوى الأول المتميز فى الأداء، و3 شهور للمستوى الثانى، وشهر ونصف للمستوى الثالث، بينما كانت المكافآت العامة تصرف للجميع، ويتم تحديد الأسماء من رئيس الشركة، ويرسلها ليتم الصرف فورًا، وكان نتيجة ذلك تنافساً منقطع النظير بين العاملين؛ لتنفيذ عملهم بكفاءة عالية».

متابعاً: «من التجارب أيضًا التى استخدمتُ فيها الحوافز فى رفع مستوى الأداء، عندما مررنا بأزمة فى البوتاجاز، حيث زرتُ شركة «الإسكندرية للبترول»، وهى المعمل الرئيسى فى ذلك الوقت، وكنت أعرف أنهم يستطيعون إنتاج بوتاجاز أكثر من المعدلات التى كانوا ينتجونها وقتها، وقررت أن تُصرَف مكافأة عن الإنتاج الذى يزيد على المعدلات الطبيعية، ونجحوا فى زيادة إنتاج البوتاجاز من نصف فى المائة إلى 1%، وهو ما وفر علينا الكثير من العملة الصعبة لاستيراد البوتاجاز».

تأمين الاحتياطيات وتوطين الصناعة

عن أهمية تأمين الاحتياطيات وتوطين الصناعة، يتحدث «عبد الهادى قنديل» قائلاً: «كانت البداية عندما توليتُ رئاسة الهيئة العامة للبترول فى عام 1980، وطلب منى «عز الدين هلال» السفر إلى اليابان؛ لتدشين أول حفار بحرى، وسافرنا وكان معى رئيس شركة الحفر المصرية، وكان هدفى أن أطلع على النظام المعمول به فى تصنيع الحفارات هناك، ووجدنا أنفسنا داخل ورشة صغيرة، وعرفنا أنها هى المكان الذى تم تصنيع الحفار فيه.

وتصادف بعد عودتى أن قال لى المهندس «عبد الخالق عياد» وكان يعمل مديرًا عامًّا للحفر بالشركة العامة للبترول: عرفت أن الهيئة العامة للبترول تولاها رئيس جديد شاب، وجئت لأسلم عليك.

وقال: أنا كنت مرشحًا لرئاسة العمليات فى شركة الحفر المصرية، ولكن رئيس الشركة رفض، وبالتالى قررت السفر، وتعاقدت مع شركة «مجنم»، وفى طريقى للسفر للعمل معهم خارج مصر، ولكنى أردت أن ألتقى بك أولاً. وبعد مناقشات معه عرضت عليه رئاسة الشركة العامة للبترول، أو شركة الحفر المصرية نفسها التى رفضوا تعيينه رئيسًا لعملياتها، ولكنه اعتذر، وقال إن الشركة التى سوف يعمل بها تبنى حفارًا للدخول به فى مناقصات داخل مصر.

قلت له: لو تمكنت من إقناع الشركة الأجنبية ببناء الحفار داخل ترسانة الإسكندرية، سوف أستعين بهذا الحفار فى التنقيب عن البترول لمدة 3 سنوات متصلة، وكان هدفى أن أوطن هذه التكنولوجيا فى مصر، بالإضافة إلى الاستعانة ببعض المهمات المصرية.

ونجح فى مهمة إقناعهم، وجاءوا لبناء أول حفار فى مصر، وكان المكان المتاح والمؤهل نسبيًّا الترسانة البحرية فى الإسكندرية. وللأسف كانت العمالة فى الترسانة تتلكأ، فكان «عبد الخالق عياد» شبه مقيم هناك؛ لتحفيزهم على العمل حتى تم إنجازه.

وتابع «قنديل»: «تم بناء الحفار البحرى فى مصر وتدشينه مع «أحمد عز الدين هلال» و«فؤاد أبو زغلة» وزير الصناعة الأسبق. وهذا الحفار البحرى كان الأول الذى يتم تدشينه فى مصر، وهو الأساس الذى انطلق منه توطين صناعة المعدات البترولية فى مصر».

مردفًاً: «شركة «بتروجت» التى تأسست على يد المهندس «الشناوى محمد على»، كانت قد نجحت فى تنفيذ مهام كثيرة، وكانت بتروجت قد تأسست فى عام 1976، وتضم مجموعة من المهندسين المتخصصين فى المشروعات بمعامل التكرير، والذين مارسوا العمل أوقات الحروب وتحت القصف وفى أسوأ الظروف، وكان هؤلاء قد نجحوا فى إنشاء الميناء الاحتياطى فى المكس بالإسكندرية، والذى تم تنفيذه خلال 30 يومًا فقط، وقبل حرب 1973، وكان به 5 شمندورات كاحتياطى؛ خوفًا من ضرب ميناءى الإسكندرية والسويس، وكانت ترسو عليها المراكب المحملة بالبترول، وتم إنشاؤها بمشاركة شركة منتوبى الإيطالية مناصفة».

ويستكمل« قنديل» ذكرياته قائلاً: «بعد «الشناوى» تولى المهندس «كمال حافظ» رئاسة «بتروجت»، وكان يريد أن يعمل بمفرده دون أن يشاركه أحد فى القرار، وشكا لى رئيس شركة «منتوبى» الإيطالية من عدم الأخذ برأيه فى القرارات الخاصة بالعمل، وكانوا يملكون 50% من بتروجت.

فقلت: ماذا تريدون؟ قالوا: نريد أن نخرج من الشركة، فتم التفاوض مقابل حصولهم على 5 ملايين دولار، وكان اتفاقًا ممتازًا، لكن فوجئتُ برئيس الشركة الإيطالية «منتوبى» يشكو لى من رفض «كمال حافظ» التوقيع على عملية التخارج، والتقى بى رئيس الشركة؛ ليشكو لى «كمال حافظ»، فأشرت له على النموذج الذى تم تجهيزه كاتفاق لتخارج الشركة كالآتى «كمال حافظ هى أمور عيال؟ أليس أنت من توصل للاتفاق؟. نفذ ما تم الاتفاق عليه فورًا»

مضيفاً: «كان هذا بمثابة الإنذار والفرصة الأخيرة التى أمنحها لأى قيادة تخطئ، بعدها اكتشفتُ أنه جهز زيارة لى لحقول شركة «سوكو» بسيناء؛ لتفقد أعمال التصنيع التى تنفذها بتروجت فى ورشة أقامتها بموقع الشركة، وكان نوعًا من الدعاية والترحيب بصورة فجة، حيث اللافتات، وبعد الزيارة أبلغنى أحد العاملين أن الورشة ليس لها أى وجود على أرض الواقع، فاستقليتُ أول طائرة للبترول متجهة إلى الحقول لأكتشف الحقيقة، فأرسلت فى استدعائه وألغيت انتدابه، ولكنه شعر بالإهانة، فقرر تقديم استقالته، ووافقت فورًا.. وسألنى الرئيس حسنى مبارك: لماذا أقلت كمال حافظ؟ قلت: هو الذى استقال. وأسندت رئاسة الشركة لرئيس الفرع الشمالى لها فى ذلك الوقت، وهو المهندس كمال مصطفى، وكان بارعًا، فانطلق بالشركة فى التصنيع المحلى، وحقق طفرات كبيرة. وهذه الشركة خرَّجَت بعد ذلك وزيرين للنقل من أفرادها، هما: «حمدى الشايب»، و«هانى ضاحى».

يضيف «قنديل»: «كنا دخلنا فى ملف التصنيع المحلى بعد نجاحنا فى إنشاء خط صرف صحى الإسكندرية، وتولى تنفيذه الفرع الشمالى لشركة بتروجت، وبدأنا ننشئ أول ورشة، فتم اختيار الموقع وقت رئاسة «كمال حافظ». ووجدت المكان يشبه موقع ورش تصنيع مهمات البترول فى اليابان، الذى تم فيه تدشين الحفار الذى اشتريناه، ويقع على البحر مباشرة، وتوجد صدادات للأمواج. ونفذت شركة «بتروجت» اليارد، الذى تحول إلى قلعة للتصنيع المحلى، ووفر على الدولة مليارات الدولارات. وبه تم إنشاء المنصات البحرية لحقول البترول بامتياز».

إقرأ فى الحلقة الثالثة عشر

قصة استيلاء أحمد عز على حديد الدخيلة وانتزاعها من سالم محمدين لحساب شخص آخر

وضعت أساس صناعة البتروكيماويات فى مصر

عزيز صدقى رفض تدخل شركة أمريكية لتنفيذ مشروع البتروكيماويات فى مصر
قررت عدم استخراج أكثر من 8% سنويًّا من احتياطات حقول البترول لهذا السبب

طاقة نيوز تنشر كتاب حكايتى مع مبارك ورجال ناصر والسادات ( 1 )

مذكرات قنديل .. غضب عبد الناصر.. ومطلب السادات .. وحقل البترول الذى أنقذ مصر ( 2 )

مذكرات قنديل : لماذا استعان عبد الناصر بالشركات الأمريكية لاستكشاف البترول؟ ( 3 )

مذكرات قنديل : العناية الإلهية أنقذت مصر من مجاعة بترولية فى 67 ( الحلقة الرابعة )

 

مذكرات قنديل : ماذا فعل العدو الإسرائيلى فى معامل التكرير ردأ على إغراق إيلات ؟ ( الحلقة الخامسة )

مذكرات قنديل .. الرئيس السادات طلب عز الدين هلال للقاء سرى وعاجل لهذا السبب ( الحلقة السادسة )

مذكرات قنديل : القذافي أصابه الجنون لأن «السادات» لم يبلغه بموعد حرب أكتوبر ( الحلقة السابعة)

مذكرات قنديل : مبارك أوقف الحفر عن الغاز أمام استراحته منعًا لإزعاجه وقال: «ما حدش يحفر هنا وأنا موجود» ( الحلقة الثامنة )

مذكرات قنديل : محافظ الإسكندرية أطلق المجارى بالمعمورة ومصطفى أمين هاجمنى بسببها ( الحلقة التاسعة )

مذكرات قنديل : اختلفت مع مبارك فأقالنى من وزارة البترول ( الحلقة العاشرة )

مذكرات قنديل : محافظ الجيزة أمر بالقبض على المهندسين الذين يتولون توصيل الغاز للمنازل ( الحلقة الحادية عشر )

زر الذهاب إلى الأعلى