
>> أحرجت رئيس الوزراء لأنه سألنى عن الاكتشافات البترولية الجديدة
>> حررت البحث عن البترول واستكشافه من قبضة الشركات الأمريكية والبريطانية
>> قصة العميل المصرى الذى نجحت المخابرات المصرية فى زرعه فى إسرائيل منذ 1954
>> حكاية حصول زوجة الهجان على تعويض 1.5 مليون دولار من وزارة البترول
>> أعطيت رئيس “بريتش بتروليم” درسًا ردًّا على استعلائه
>> الإنجليز لا يحترمونك إلا إذا تعاملت معهم بتكبر لأنهم يعيشون وكأنهم دولة احتلال لمصر
تواصل “طاقة نيوز” نشر كتاب الكاتب الصحفى أسامة داود عضو مجلس نقابة الصحفيين الأسبق والذى ستصدر طبعته الرابعة قريبا ، بعنوان : عبد الهادى قنديل .. حكايتى مع مبارك ورجال ناصر والسادات.. أسرار تنشر لأول مرة ، ضمن سلسلة حوارات أجراها داود عام 2017 مع الرجل الذى تولى منصب وزير البترول – فى زمن مبارك لمدة 7 سنوات من عام 1985 حتى عام 1992 – وكانت بمثابة مذكرات ووقائع لم تُنشَر من قبل.
والى تفاصيل الحلقة الرابعة عشر عشر والتى يروى فيها «عبد الهادى قنديل» حكاية لقاءه مع رأفت الهجان العميل المصرى الذى نجحت المخابرات المصرية فى زرعه فى إسرائيل منذ 1954 وقصة حصول زوجة الهجان على تعويض 1.5 مليون دولار من وزارة البترول ،
قائلاً : «كانت هناك قضية تحكيم ضدنا من جانب شركة أجنبية يملكها رجل اسمه «جاك بيتون»، الذى اكتشفنا فيما بعد أنه هو «رأفت الهجان»، العميل المصرى الذى نجحت المخابرات المصرية فى زرعه فى إسرائيل منذ عام 1954، ولم يتم اكتشافه.
وكان للشركة التى يملكها موقف غريب؛ حيث حصلت على مساحة للبحث والاستكشاف بها بئر تنتج بترولاً، وهذا يتطلب أن تدفع مبالغ مالية ضخمة؛ لأنها تعمل فى مساحات تمَّ استكشاف بترول فيها، ولكن يبدو أن جهة سيادية هى من تواصلت مع «رمزى الليثى» وجعلته يوافق، وكنت أنا من رفض هذا الأمر فى مجلس الإدارة، ولكنها كانت ورطة ورثتها، ولم أكن أعرف ما خلفها من أسباب.
وكانت الشركة تريد أن تنقل البترول بالـ«اللوارى» من «العلمين» إلى «الإسكندرية»، ورفضتُ لأن الطريق لا يتحمل، ويسبب حوادث، وجاءنى «جاك بيتون»، وحــاول أن يوهمنى أنه عمل سابقًا مع «شل»، وتصنَّع الحديث باللغة العربية، وأنه يحب مصر، وقال «عملت الشركة باسم إجيبتكو علشان آجى بيتكم»، وطلب أن أسأل عنه، ولاحظتُ أنه رجل أذكى من الجميع، وأدركتُ أن هدفه أن يستخدم أسطول نقل سيارات لنقل الخام إلى الإسكندرية عبر الطريق الساحلى؛ ليحصل من خلاله على أرباح، فصممتُ على الرفض؛ لأن طريق إسكندرية- مطروح طريق سياحى، والنقل – كما ذكرتُ – يسبب حوادث ومخاطر، وأصررتُ على إنشاء خط أنبوب لنقل الخام لمعمل التكرير بالإسكندرية أو للتصدير، وبعدما رفض قمت بالاستيلاء على الشركة، وهى شركة عجيبة، التى زاد إنتاجها فيما بعد.
واكتشفتُ أن مكالماتى معه يقوم بتسجيلها، فكان شخصًا غير عادى وغامضًا، ولم أكن أعلم عن حقيقته شيئًا، فباع مساحة للبحث والاستكشاف «الكونسيشن» لشركة كندية، وترك مصر، وحاولت الشركة الكندية الضغط علينا، فلجأت للتحكيم الدولى، لكى يسهل لها الأمور فى مصر، وبعد وفاته فوجئت بزوجته، وقد تسلمت موقعه كمدير للشركة، وحضر لى الدكتور «العيوطى»، وكان نائب رئيس الهيئة للإنتاج والاستكشاف والاتفاقيات، وأبلغنى أن الشركة الأجنبية تطلب تنصيبها بدلاً من زوجها، بينما كانت فى الماضى سكرتيرة له، وطلب منى الموافقة، ولكنى رفضت بشدة، وبالتالى تم إلغاء إقامتها فى مصر، لكن كان هناك بديل قام بحل المشكلة لها، وهو الممثل «إيهاب نافع»؛ لأنه تزوجها فورًا؛ فحصلت على الإقامة فى مصر، ورفعتْ قضية فى مصر ضد وزير البترول، وكان فى ذلك الوقت «أحمد عز الدين هلال»، فوجدت أن القضية تم الحكم فيها من إحدى دوائر مجلس الدولة وقبل انتهاء السنة القضائية بيوم واحد، وكان رئيس الدائرة سوف يخرج للمعاش بعد أيام من إصداره حكمًا ضد الوزير بصفته وبتعويض مليون ونصف المليون دولار».
واستطرد «قنديل» قائلاً: «كان هذا الحكم سوف تستخدمه الشركة فى الخارج لكسب التحكيم الدولى ضد هيئة البترول بصفتها وبسهولة. وجاء التغيير الوزارى لأجدنى أنا من سوف أنفذ الحكم بعدما أصبحت وزيرًا.
وأصبح الحل الوحيد للمشكلة هو التفاوض مع الشركة الكندية، وهدانى الله إلى الاستعانة بعنصرين من أكفأ المفاوضين لدى هيئة البترول، وهما: المستشار «منجى الراكشى» والمهندس «إيميلين يوسف»، وتوصلا إلى حل، وهو أن تعود الشركة للعمل بشرط مد مدة التعاقد 6 أشهر فقط مع التزامها بإنشاء خط لنقل الخام من منطقة عمل الشركة إلى الإسكندرية وليس النقل بالمركبات كما كان يريد «جاك بيتون»، أو «رأفت الهجان» كما عرفنا بعد ذلك، وأصررت على أن تقوم الشركة بسداد أتعاب المستشار القانونى الخاص بالهيئة، وهى 25 ألف دولار وبشكل رسمى، وتم بالفعل ذلك، وأرسلنا مذكرة التصالح لرئيس مجلس الدولة، وكان الدكتور «محمد حامد الجمل»، فاتصل بى، وتساءل ضاحكًا: هو مين اللى كان صدر لصالحه الحكم؟
قلت: هم، ولكن بصراحة ليس لهم أى حق. فقال: أنت بهذه الطريقة من كسب؛ لأنك فرضت كل شروطك.
وكان «منجى الراكشى» مستشارًا سابقًا فى مجلس الدولة وصديقًا للكاتب الكبير «مصطفى أمين».
يواصل عبد الهادى قنديل حديثه قائلاً: «رأيتُ أن شركة بى بى البريطانية لها طبيعة خاصة تختلف عن كل الشركات العالمية؛ لأنها تتعامل مع مصر بحالة من الاستعلاء والكراهية، وأرى أنها لم تكن جادة فى الإنتاج من حقل شمال الإسكندرية، حتى فوجئت باكتشاف حقل ظُهر، والذى اكتشفته إينى الإيطالية، ورأيت أن أسوأ شركة تعمل فى مصر هى «بى بى»؛ لأنها تتعامل مع الدولة دائمًا بتعالٍ، ولى معها مواقف.
وأتذكر أن رئيس «بريتش بتروليم» رفض مقابلتنا أنا و«أحمد عز الدين هلال»، عندما أردنا أن نصحح الخطأ الذى ارتكبه رئيس شركة «مصر للبترول»، بتنازله للشركة البريطانية عن حق تموين السفن والطائرات فى الموانئ والمطارات المصرية، وكنا نريد تصحيح الوضع، وكنا انتهينا مع شركة شل على صيغة لحل المشكلة، والتقينا مع السفير المصرى فى لندن «حسن أبو سعدة»، ووصلنا إلى الشركة طبقًا لموعد سابق ومحدد، ولكن الرجل تعامل معنا بغلظة، وتركونا فى الانتظار لمدة زمنية طويلة، ثم كان اللقاء لمدة 5 دقائق فقط، ووجدت أنه يتعامل بأسلوب المستعمر البريطانى وقت الاحتلال! وكان قد تركنا مع مساعديه، ليكملوا معنا الحديث، وبعد حوالى 75 يومًا بالضبط من هذا الموقف، توليتُ وزارة البترول، واتصل بى السفير الإنجليزى فى مصر، وطلب تحديد موعد للرجل نفسه، الذى ظل رئيسًا لشركة «بى بى»، فرفضت المقابلة، خاصة أنه كان قد اتصل فى وقت سابق برئيس شركة إينى الإيطالية، وقال له: أن مصر بلد طارد للاستثمار؛ فى محاولة لتشويهنا.
ولكن مع رجاء من السفير البريطانى الذى كانت تربطنا به علاقات طيبة، كان لقائى معه، ولكن بنفس الطريقة التى كان قد استقبلنا بها أنا و«عز الدين هلال»، وكان البعض يرى أن تصرفى ذلك يهدد مصالح البحث والاستكشاف، خاصة أن شركة «بى بى» لها استثمارات كبيرة وهى شريك فى عدد من الشركات بمصر، لكنى أعرف جيدًا أن الإنجليز لا يحترمونك إلا إذا تعاملت معهم بتكبر؛ لأنهم يعيشون وكأنهم دولة احتلال لمصر، ولا ينسون أن مصر طردتهم، وكنت دائمًا أضع البديل المناسب؛ حتى لا ينجح أحد فى لىِّ ذراع الدولة، ممثلة فى قطاع البترول، وبالطبع حدثت أزمة.
ولكننى كنت أعد العدة لمثل هذا اليوم، فقد بدأت عندما توليت رئاسة هيئة البترول فى تنويع جنسيات شركات البحث والاستكشاف؛ حتى لا نقع تحت رحمة الشركات الأمريكية والبريطانية، التى كانت بالفعل قد حصلت على مساحات كبيرة، ويقع فى يدها إنتاج البترول فى مصر، فكانت الشركات الأمريكية بمفردها تنتج 80% من إنتاج مصر، فجذبتُ شركات هولندية وإيطالية، وتراجعت سيطرة الشركات الأمريكية إلى 50% من الإنتاج، وكنا قد وصلنا إلى مليون برميل يوميًّا، وكان هذا المستوى من الإنتاج قد وضعه أحمد عز الدين هلال كهدف استراتيجي، ولكنه لم يتحقق إلا بعد أن وصلت للوزارة، وكان علىّ أن أكمل مشوار «هلال» الأستاذ والقائد».
الصدام مع مجلس الوزراء
«كان الصدام مع بعض الوزراء ورؤساء الوزراء يفرض نفسه دائمًا. الصدام لم يكن لأسباب شخصية، ولكن لمحاولة البعض التدخل فى شئون البترول وتوظيفه لأهداف لم تكن فى مصلحة القطاع الذى يعيش بداخلنا. كان الصدام الأهم والأخطر هو سحب أرصدة قطاع البترول لمصلحة وزارة المالية».
هكذا يحكى «قنديل»، مضيفاً: «لم يكد يمر على رئاستى لهيئة البترول فى ذلك الوقت شهور، حتى كان الدكتور «عبد الرزاق عبد المجيد» وزيرًا للمالية، ووصلته معلومات بأن لدينا 500 مليون دولار، فذهب إلى الرئيس «السادات»، وأخبره بهذا الرقم، وقال: إن الحكومة فى حاجة لهذا المبلغ. فقال له: خدهم! وأطلق السادات على وزير المالية اسم «إيرهارد مصر»؛ نسبة إلى «لودفيج إيرهارد» اﻟﻣﻠﻘب ﺑـﻣﻧﻘذ أﻟﻣﺎﻧﯾﺎ وﺻﺎﺣب اﻟﻣﻌﺟزة الاﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ، والذى تولى وزارة الاقتصاد هناك، ثم أصبح بعدها مستشارًا لألمانيا.
وكانت تلك المبالغ تم توفيرها من منح التوقيع على الاتفاقيات، والتى تسددها الشركات التى فازت فى المزايدات. أما الدكتور «محمد الرزاز»، وزير المالية فيما بعد، فكان رجلاً طيبًا، وأنا تدخلت وضمنته عند البنك المركزى؛ للحصول على 400 مليون جنيه؛ لدفع رواتب الموظفين فى الدولة.
وكان الدكتور «عاطف صدقى» كلمنى، وكنت وزيرًا للبترول، فقلت له: إننى بعد 3 أشهر سوف أدفع للمالية نفس المبلغ، وبالتالى أرسلت خطابًا للبنك المركزى بسداد هذا المبلغ للمالية وقبل استحقاقه بثلاثة أشهر، وهى قيمة مستحقات للمالية.
أما الدكتور «على لطفى» فعندما كان وزيرًا للمالية فى حكومة الدكتور «مصطفى خليل»، وتكررت محاولاته للحصول على أرصدة وزارة البترول، قال «مبارك» لى: كتم عليها. وامنع الحكومة من الاقتراب منها».
وتابع «قنديل» قائلاً: «كان «على لطفى» يترصد حسابات قطاع البترول، وهناك موقف آخر له أثناء رئاسته الحكومة، طلبنى هاتفيًّا، وقال: لو كان عندك مشاكل تعال أحلها لك.
حملت مجموعة ملفات، وذهبت إليه، وكان فى اليوم السابق ونحن فى جلسة مجلس الوزراء أراد فتحى محمد على وزير التعليم العالى الحديث فى شئون وزارته، لكنه لم يترك له الفرصة للتحدث عن التعليم، وكان يحب أن ينفرد بالكلام وحده، وأراد أن يتكلم عن البترول، فقلت له: أنا من سوف يتحدث عن البترول وليس أنت! فأنت بالنسبة لى كبير الوزراء ليس إلا.. وهو ما أصابه بالصدمة، وأشعرَه بنوع من الحرج، فقال: قبل ما تتكلم حدثنى عن الاكتشافات البترولية الجديدة. فقلت له: بالطبع من حقك تعرفها، ولكن الرئيس مبارك سوف يغضب. فقال لى: خلاص مش عايز أعرف حاجة.
ولم ينظر فى الورق الذى كنت أحمله إليه»، مُفسراً: «كان سبب إصرار «مبارك» على التكتم على الاكتشافات أنه يرى أن العديد من الدول الفقيرة سوف تطلب مساعدات من مصر، بينما نحن فى أزمات».
مشكلة لوزير الاقتصاد ومحافظ المركزى
يتحدث «عبد الهادى قنديل» عن صدام آخر ويصفه بـ «الأكبر» قائلاً: «الصدام الأكبر مع الحكومة هو ما وقع بينى وبين وزير الاقتصاد سلطان أبو على. مردفاً: «وصلت معلومات لوزير الاقتصاد بوجود رصيد لهيئة البترول يصل إلى 4 مليارات جنيه، وكنا استطعنا توفير تلك المبالغ لصالح إنشاء مشروع للطاقة النووية لتوليد الكهرباء، وفى وقت كان الجنيه يساوى 1.3 دولار. وكان الدكتور «على لطفى» رئيسًا للوزراء، وفوجئت بوزير الاقتصاد يصر على الحصول على تلك المبالغ، وكان يتصف بالتشدد والتشبث برأيه».
إقرأ فى الحلقة 15
مبارك أقال الحكومة لإصرار أحد وزرائها على معرفة رصيد البترول بالبنوك
>> الرئيس الأسبق قال لى: إخفو الرصيد عن الحكومة حتى لايذهب فى المجارى
>> مبارك قال لى: إطلب محافظ المركزى وأبلغه بأنه سيدفع الثمن
>> على نجم قاطعنى طول حياته لهذا السبب
>> رفضت التعيين مستشارًا للحكومة بعد إقالتى من الوزارة
>> حل جهاز تخطيط الطاقة خطأ فادح ارتكبه البنبي
>> قلت ليوسف والى : “وانت مالك” بعدما شكانى حسين عبد الله له
طاقة نيوز تنشر كتاب حكايتى مع مبارك ورجال ناصر والسادات ( 1 )
مذكرات قنديل .. غضب عبد الناصر.. ومطلب السادات .. وحقل البترول الذى أنقذ مصر ( 2 )
مذكرات قنديل : لماذا استعان عبد الناصر بالشركات الأمريكية لاستكشاف البترول؟ ( 3 )
مذكرات قنديل : العناية الإلهية أنقذت مصر من مجاعة بترولية فى 67 ( الحلقة الرابعة )