مذكرات قنديل : رجال عبد الناصر كانوا رمزا لطهارة اليد و «سامى شرف» لم يكن يملك ما يكفى معيشته عقب خروجه من السجن ( الحلقة 17 )
عبد الناصر عنف «على صبرى» لأنه كان فى الخارج وأراد أن يدخل دون أن يدفع جمارك
رجال عبد الناصر لم يتربحوا فى حياتهم ولم يحصلوا على أكثر من راتبهم
الجميع تخلى عن رجال ثورة يوليو ولم يكونوا يملكون شيئًا غير معاشهم
قدمنا من خلال التنظيم الطليعي معلومات أنصفت العديد من المظلومين
كتبت تقريرًا كشفت فيه عن خطأ استبعاد شقيق عبد الحكيم عامر فتم الإفراج عنه.
سامي شرف قال لنا : الأجهزة تخفى الحقائق عن عبد الناصر ونريد أن نعرف منكم كل شىء.
قابلت سامى شرف فى الخارج و وكان يقيم فى لوكانده درجة ثالثة وحاولت أن أقدم له مبلغًا ماليًّا وكدت أقبل يده لكنه رفض
محمود يونس كان له مجموعة لا يعترف بسواها
تعلمت من المهندسين البدرى وهلال أن من له شلة لا يُرجَى منه خير
اكتشفت شبكة عملاء بشركة "شل"لصالح السفارة البريطانية بالقاهرة منهم موظفون مصريون
لن أذكر أسماء الخونة الذين تعاملت معهم "شل" كأبطال حتى لا يتم تجريح أبنائهم
تواصل “طاقة نيوز” نشر كتاب الكاتب الصحفى أسامة داود عضو مجلس نقابة الصحفيين الأسبق والذى ستصدر طبعته الرابعة قريبا ، بعنوان : عبد الهادى قنديل .. حكايتى مع مبارك ورجال ناصر والسادات.. أسرار تنشر لأول مرة ، ضمن سلسلة حوارات أجراها داود عام 2017 مع الرجل الذى تولى منصب وزير البترول – فى زمن مبارك لمدة 7 سنوات من عام 1985 حتى عام 1992 – وكانت بمثابة مذكرات ووقائع لم تُنشَر من قبل .
والى تفاصيل الحلقة السابعة عشر والتى يروى فيها «عبد الهادى قنديل» خفايا مثيرة عن علاقته برجال عبد الناصر رجال عبد الناصر ، وكيف أنهم لم يتربحوا فى حياتهم ولم يحصلوا على أكثر من راتبهم ، وأن الجميع تخلى عنهم ولم يكونوا يملكون شيئًا غير معاشهم ، كما يكشف عن أن سامى شرف التقى بهم كنائب عن عبد الناصر وقال لهم : الأجهزة تخفى عن الرئيس بعض الحقائق ويريد أن يعرف منكم كل شىء.
يقول قنديل فى مذكراته :
«كان عبد الناصر يريد أن يؤسس حزبًا سياسيًّا له القدرة على القيام بدور المعارضة البناءة، وأن يمارس أعضاؤه كل الحرية فى الكشف عن الأخطاء وانتقادها دون أن يتعرض أحدهم لأى أذى، وكان يتولى التنظيم السيد «على صبرى»، ثم السيد «شعراوى جمعة»، والسيد «سامى شرف» كان مسئولاً عنا فى مصر الجديدة، وبالتحديد فى 64 شارع «الخليفة المأمون»، وكنا نتلقى تقارير من جمال عبد الناصر بالحقيقة الموجودة فى مصر، كلها دون تجميل، ونتفاعل مع هذه الحقيقة، ونتصرف بمقتضاها، ونرفع له تقارير، ننتقد فيها كل الأخطاء، وكنت رقم 2 بعد «أحمد عز الدين هلال»، وفى أول جلسة التقينا مع السيد «سامى شرف» نائبًا عن الرئيس، وقال لنا: أنتم لم تأتوا هنا لتأكلوا «وز»، ولكن أنتم هنا لتقولوا لنا الحقائق فى هذا البلد؛ لأن الأجهزة تخفى عن الرئيس بعض الحقائق، والرئيس يريد أن يعرف كل شىء.
وكان التنظيم الطليعى هو المدرسة الحقيقية التى تخرج فيها السياسيون الذين أداروا الحكم فى مصر كوزراء حتى عهد مبارك، وكان التنظيم الطليعى فى الداخلية يتولاه «ممدوح سالم»، وأظن أنه هو الذى اكتشف «التنظيم السرى» الذى شكله الإخوان بعد 1954، وقت دخول قيادات الإخوان السجن، وهو التنظيم الذى خطط لاغتيال «عبد الناصر» من أحد العناصر بالحرس الجمهورى وتفجير القناطر الخيرية والسكك الحديدية، وأعدم فيه سيد قطب.
كان للتنظيم الطليعى دور مهم جدًّا فى تصحيح الأوضاع بنقل الحقائق، والتى لم يكن يروق الأجهزة الأمنية نقلها للرئيس. وقدمنا معلومات حقيقية، أدت إلى إنصاف العديد من المظلومين، منهم السيد المهندس «حسن عامر» شقيق المشير «عبد الحكيم عامر»، والذى تم استبعاده من رئاسة الهيئة العامة للبترول وإحالته للتقاعد واعتقاله فى 25 أغسطس 1967 عقب تحديد إقامة «عبد الحكيم عامر» ، حيث كتبت تقريرًا بالحقيقة كشفت فيه عن الخطأ فى استبعاد «حسن عامر»، فتم الإفراج عنه، ولكنه لم يتقلد منصبًا حتى عينه الرئيس السادات بعد وفاة جمال عبد الناصر رئيسًا لهيئة النقل البحرى خلفًا للمهندس أحمد كامل البدرى.
وموقف آخر يحكيه قنديل مشيرًا إلى أهمية التنظيم الطليعى فى كشف الحقائق وتحقيق الاستجابة الفورية من النظام الحاكم، يقول إنه عندما كان قطاع البترول يتبع وزير الصناعة «عزيز صدقى»، قام بتعيين شقيق الدكتور «حلمى الحديدى»، الذى تولى فى عهد مبارك موقع وزير الصحة، وكان شقيقه أستاذًا بجامعة القاهرة، فى موقع مدير عام مؤسسة البترول، ولم يكن لديه أى دراية بالعمل الميدانى فى البترول، وكنت فى ذلك الوقت مدير عمليات المؤسسة، قلت له: أنت سبب تعطيل شغل المؤسسة كله، فأنت تترك «البوسطة» دون توقيع لمدة شهر، بينما يجب أن تُوقِّع فى نفس اليوم. وتم نقله كوكيل لوزارة البترول، وأعادوا «على والى»، الذى كان قد تم استبعاده سابقًا، إلى رئاسة المؤسسة، وظل بها حتى تولى وزارة البترول فى عام 1971.
السادات يكره التنظيم الطليعى
وبالنسبة للسادات، فلم يكن يعرف قدر ولا قيمة التنظيم الطليعى، وفى عام 1971 عندما تم حل التنظيم الطليعى، اتصل بى فورًا صديقى «أحمد عز الدين هلال»، وكان مدير عام مؤسسة البترول، ولم يكن قد تم تعيينه رئيسًا للهيئة، وحضر لمنزلى، واستقلَّ معى سيارتى، وقال: إتجه بى إلى «مصر الجديدة». وفى الطريق قال: إن هناك تعليمات بالقبض على أعضاء التنظيم الطليعى، وأنا سوف أدخل لقسم مصر الجديدة. ونصحنى فى حالة غيابه لأكثر من ساعة أن أهرب، وبعد نصف ساعة عاد، وقال: ليس هناك مشكلة بالنسبة لنا. واستمررنا فى عملنا».
أعوان عبد الناصر قمة النزاهة
يكمل «قنديل» ذكرياته قائلاً: «بالنسبة لـ«سامى شرف» ومجموعة «التنظيم الطليعى» فكانوا من أشرف الناس، و«سامى شرف» جاءنى عقب خروجه من السجن، وطلب منى تشغيل ابنه، ولم يكن يملك ما يستطيع أن يكفى معيشته، وتم تعيينه فورًا؛ لأن «سامى شرف» لم يتربح فى حياته، ولم يحصل على أكثر من راتبه، وكل من عملوا بجانب «عبد الناصر» كانوا على أعلى مستوى من طهارة ونظافة اليد، كما قمت بتعيين ابن شعراوى جمعة؛ لأن الجميع تخلى عنهم، ولم يكونوا يملكون شيئًا غير معاشهم.
وأذكر أن «سامى شرف» عندما أصيب بمرض فى الرئة، أجرى جراحة استئصال نصف الرئة فى مصر، وبعدها تطلب الأمر جراحة أخرى تطلبت سفره للخارج، ولم يكن يملك ما يستطيع أن ينفقه على العلاج، فأصدر الدكتور «كمال الجنزورى» قرارًا بسفره إلى باريس للعلاج، وكنت أعمل فى «جنيف» بعد خروجى من الوزارة، نائبًا لرئيس إحدى الشركات الأجنبية، فسافرتُ إلى باريس، واكتشفتُ أن السيد «سامى شرف»، الذى كانت الدنيا بين يديه، يقيم فى لوكاندة، ربما تمثل فى تصنيف الفنادق أقل مستوى فى العالم أجمع، وحاولت أن أقدم له مبلغًا ماليًّا، وكدت أقبل يده، لكنه رفض بشدة.
هكذا يُعرَف الرجال الذين يملكون من طهارة اليد وعزة النفس ما لم يملكه أصحاب المليارات. هكذا كان كل الرجال الذين عملوا بجوار جمال عبد الناصر. وأذكر أن «على صبرى» كان فى الخارج، وأراد أن يدخل دون أن يدفع جمارك، وتم إبلاغ عبد الناصر، الذى عنَّفه بشدة، وعاقبه على ذلك».
الاختيار السليم
يشدد «عبد الهادى قنديل» على أن الاختيار السليم للقيادات والمعاونين هو أساس النجاح أو الفشل، فباختيارك لمن يكون لديه القدرة على أن يقول «لا»، وليس من يوافقك فى كل ما تريده، تكون قد حققت نجاحًا، كاشفاً فى هذا الفصل عن سمات بعض من تعامل معهم خلال رحلته المهنية.
يقول «قنديل»: «محمود يونس كان شخصية عظيمة، ولكن كان له مجموعة، لا يعترف بسواها، وقد تعلمت من المهندسين: «أحمد كامل البدرى» و«أحمد عز الدين هلال» أن من له شلة لا يُرجَى منه خير.
وبعد أن تولى وزارة البترول والنقل، كان يرغب فى أن يستبعدنا جميعًا، وكان يستعين بمجموعته». مضيفاً: «محمد عزت عادل كان يعمل فى هيئة قناة السويس، وكان فى هيئة البترول قبل ذلك. و«عبد الحميد أبو بكر» كان قيادة محترمة، وكان يتميز بأنه قادر على إنشاء أى كيان من الصفر، ولديه القدرة على ذلك، وأنشأ شركات: «مصر للبترول» و«غاز مصر» و«بتروجاس»، وكان يفضل الأسماء الأجنبية، وكانت مصر للبترول 4 شركات، وهى: شل والمستقلة وغيرهما، وكانت شركات صغرى، وهو من قام بتجميعها فى كيان واحد، وأطلق عليها اسم «مصر للبترول»، والمهندس «أحمد كامل البدرى» هو من أسند إليه هذه المهمة، بينما كان قد وقع خلاف بينه وبين «محمود يونس»، فأعاده إلى قطاع البترول من هيئة القناة، حيث كان سكرتير عام هيئة قناة السويس، واشترك فى تأميمها؛ لأن شركة «شل» طلبت من مصر تأميمها، وكان اسمها شركة شل (Red sea) البحر الأحمر. وعندما أممت مصر شركة «آبار الزيوت»، وحصلت منها على وسائل الإنتاج، وتم ضمها للهيئة، كنت أنا مسئول ملف التأميم، والسبب إجادتى للغات الأجنبية، وقرأت أوراق شركة «شل» كلها، ومكتب رئيس مجلس الإدارة والمدير العام، وكلاهما أجنبى والعضو المنتدب كان «محمود صادق»، وقمت بفصلها عن شركة آبار الزيوت.
جواسيس داخل شركة أجنبية!
ويكمل قنديل: كنت أقدم تقريرًا يوميًّا لـ«البدرى بك»، واكتشفت فضائح بالشركة، كشفت عن شبكة من العملاء لصالح السفارة البريطانية بالقاهرة، منهم موظفون مصريون، وقرأت التقارير التى تقدم للسفارة عن طريق الشركة، وبعدها للأسف تم تعيين بعضهم بمناصب فى مصر وكأنهم أبطال وليسوا خونة، ولكنى لن أذكر أسماءهم؛ حتى لا يتم تجريح أبنائهم.
وكانت شركة «شل» فى مبنى التوفيقية، الذى أصبح بعدها مقر شركة «مصر للبترول» وحتى الآن، تعتمد على 7% من أرباح شركة النصر، والتى كانت باسم شركة «آبار الزيوت». وعندما تم تأميم آبار الزيوت، لم يعد هناك من يدفع لهم نسبة الـ7% من أرباحها، وكانت الشركة الأم لا تريد إعلان إفلاس شركتها فى مصر؛ حتى لا تتأثر أسهمها فى البورصات العالمية، وبموجب اتفاقية «قيسونى لايدن» تم النص على تأميم شركة «شل مصر»، وتكليف «عبد الحميد أبو بكر» بإدارة تلك الشركات، وقام بتجميعها فى كيان واحد، وهو «مصر للبترول».
وعندما حدثت أزمة البوتاجاز، وكانت المسئولة عن نشاط البوتاجاز الجمعية التعاونية للبترول، وكان «عبد الحميد أبوبكر» فى ذلك الوقت يتولى رئاسة شركة الدلتا للبترول، وهى شركة مشتركة مع الإيطاليين، تتولى البحث عن الغاز فى شمال الدلتا، وبالتالى كان مقررًا أن يتركها، جاء لى فى مكتبى، وقال: ماذا أنتم فاعلون بى؟ قلت: إن شاء الله سوف أتصرف.
واقترحتُ خلال اجتماع المجلس الأعلى للبترول، والذى كان يضم كل قيادات وزارة التموين وقتها، أن نقوم بإنشاء شركة لتوزيع البوتاجاز، وكنت مدير عام المؤسسة لشئون التكرير، وأن نسندها للمهندس عبد الحميد أبو بكر؛ باعتباره موهوبًا فى تأسيس الشركات الجديدة والنهوض بها، وكنا فى السبعينيات، وتم تسميتها «بتروجاس» من جانبه، وكان يحب الأسماء الأجنبية كما ذكرتُ.
وعندما توليتُ رئاسة الهيئة، قررنا أن نبدأ تنفيذ مشروع توصيل الغاز للمنازل، من خلال منحة من الأمم المتحدة، وأن يتم توصيل الغاز مقابل استلام أسطوانة البوتاجاز من المواطن. وتولى الأمر «عبد الحميد أبو بكر»، وقبل أن يخرج للمعاش بثلاثة أشهر قلت له: إن العقد المبرم مع «وليم برس» انتهى، وبالتالى توجد كوادر مدربة من المصريين، ونريد أن نستفيد من خبرتك. فقال: كيف يتم ذلك؟ قلت: نؤسس شركة، على أن نضم إليها كل العناصر المدربة، التى عملت فى «وليم برس». وقلت له: لو استطعت أن تنفذها قبل انتهاء الشهور الثلاثة السابقة للمعاش، سوف تُعيَّن رئيسًا لها.. وأطلق عليها «إيجيبت غاز»، وتولى رئاستها لمدة طويلة».
إقرأ فى الحلقة 18
منعت عاطف عبيد من بيع أكبر 5 شركات بترول فى مصر
هددت صدقى وعبيد فى اجتماع الحكومة : سوف أتصل بالرئيس مبارك لأنكم تهدمون البلد
قلت لمبارك إنهم يبيعون شركات البترول التى تحقق أعلى أرباح دون علمى .. فاندهش
مبارك نظر إلى «عاطف صدقى» وقال له: إبعد عن شركات البترول
«عاطف عبيد» أجرم فى حق مصر ببيع الشركات الوطنية
شركات إنبى وبتروجت وشركة الطيران وغاز مصر والحفر المصرية كانت على لائحة الخصخصة
قررتُ في 1980 التوسع فى البحث عن الغاز واستكشافه لتعويض التراجع فى البترول
اكتشفنا مناجم للكبريت فى سيناء ولم يتم استغلالها لعدم وجود غاز طبيعى
بعد خروجى من الوزارة كمال الجنزورى قال لي : نريدك أن ترشح لنا وزيرًا للبترول
«على والى» و«عبد الحميد أبو بكر» طلبا شراء شركة إيجيبت غاز لاحتكار توصيل الغاز فى مصر
قلت للجنزورى : سوف تجرم فى حق مصر إذا وافقت على بيع إيجيبت غاز
حمدى البنبى قال لي : أنا عارف إنك بتفكر تشيلنى من رئاسة «جابكو» فقمتُ بترقيته لرئاسة هيئة البترول
«البنبى» لم يُطلق اسمى على حقل خوفًا من أن يكون تركى للوزارة بسبب خلافات مع مبارك
مصطفى شعراوى لم يكن إداريًّا مسموع الكلمة وترك الحبل على الغارب للشركات الأجنبية.